التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٢٧
بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
٢٨
وَقَالُوۤاْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ
٢٩
وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ
٣٠
-الأنعام

معالم التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ } يعني: في النار؛ كقوله تعالى: (على ملك سليمان)، أي: في ملك سليمان، وقيل: عُرضوا على النار، وجواب "لو" محذوف معناه: لو تراهم في تلك الحالة لرأيتَ عجباً، { فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ }، يعني: إلى الدنيا، { وَلاَ نُكَذِّبَ بِـآيَـٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }، قراءة العامّة كلها بالرفع على معنى: يا ليتنا نرد ونحن لا نكذبُ، ونكونُ من المؤمنين، وقرأ حمزة وحفص ويعقوب "ولا نكذبَ ونكونَ" بنصب الباء والنون على جواب التمنّي، أي: ليت ردنا وقع، وأن لا نكذب ونكون، والعرب تنصب جواب التمنّي، أي: ليت ردنا وقع، وأن لا نكذب ونكون، والعرب تنصب جواب التمني بالواو كما تنصب بالفاء، وقرأ ابن عامر "نكذب" بالرفع، و"ونكون" بالنصب لأنهم تمنوا أن يكونوا من المؤمنين، وأخبروا عن أنفسهم أنهم لا يكذبون بآيات ربهم إنْ رُدوا إلى الدنيا.

{ بَلْ بَدَا لَهُم }، قوله: "بل" تحته ردّ لقولهم، أي: ليس الأمر على ما قالوا إنهم لو رُدّوا لآمنُوا بل بدَا لهم: ظهر لهم، { مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ }، يسرّون { مِن قَبْلُ } في الدنيا من كفرهم ومعاصيهم، وقيل: ما كانوا يخفون، وهو كقولهم: { { وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23]، فأخفوا شركهم وكتموا حتى شهدتْ عليهم جوارحُهم بما كتمُوا وستروا، لأنهم كانوا لا يخفون كفرهم في الدنيا، إلا أن تُجعل الآية في المنافقين، وقال المبرد: بل بدا لهم جزاء ما كانوا يخفون، وقال النضر بن شميل: بل بَدَا عنهم.

ثم قال: { وَلَوْ رُدُّواْ } إلى الدنيا { لَعَـادُواْ لِمَا }، يعني: إلى ما { نُهُواْ عَنْهُ } من الكفر، { وَإِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ }، في قولهم، لو رددنا إلى الدنيا لم نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين.

{ وَقَالُوۤاْ إِن هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ }، هذا إخبار عن إنكارهم البعث، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هذا من قولهم لو ردوا لقالوه.

قوله تعالى: { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ }، أي: على حكمه وقضاءه ومسألته، وقيل: عُرضوا على ربهم، { قال } لهم وقيل: تقول لهم الخزنة بأمر الله، { أَلَيْسَ هَـٰذَا بِٱلْحَقِّ }؟ يعني: أليس هذا البعث والعذاب بالحق؟ { قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَا } إنه حقّ، قال ابن عباس: هذا في موقف، وقولهم: والله ربِّنا ما كنّا مشركين في موقف آخر، والقيامة مواقف، ففي موقف يُقرّون، وفي موقف يُنكرون، { قَالَ فَذُوقُواْ ٱلعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ }.