{ لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَـٰمُكُمْ }، معناه: لا يَدْعُوَنَّكُمْ ولا يحملنَّكم ذوو أرحامكم وقراباتكم وأولادكم الذين بمكة إلى خيانة الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وترك مناصحتهم وموالاة أعدائهم فلن تنفعكم أرحامكم، { ولاَ أولَـٰدُكُمْ }، الذين عصيتم الله لأجلهم، { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكم }، فيدخل أهل طاعته الجنة وأهل معصيته النار. قرأ عاصم ويعقوب { يَفْصِلِ } بفتح الياء وكسر الصاد مخففاً, وقرأ حمزة والكسائي بضم الياء وكسر الصاد مشدداً، وقرأ ابن عامر بضم الياء وفتح الصاد مشدداً، وقرأ الآخرون بضم الياء وفتح الصاد مخففاً. { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بصير }.
{ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ }، قدوة، { حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ }، من أهل الإيمان { إِذْ قَالُواْ لقومِهِمْ }، من المشركين، { إِنَّا بُرَءَآؤُاْ مِنْكُمْ }، جمع بريء، { وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ }، جحدنا وأنكرنا دينكم، { وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَٰوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ }، يأمر حاطباً والمؤمنين بالاقتداء بإبراهيم عليه الصلاة والسلام، والذين معه من المؤمنين في التبرؤ من المشركين، { إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَٰهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ }، يعني: لكم أسوة حسنة في إبراهيم وأموره إلا في استغفاره لأبيه المشرك، فإن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان قد قال لأبيه: لأستغفرن لك، ثم تبرأ منه - على ما ذكرناه في سورة التوبة - { وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ }، يقول إبراهيم عليه السلام لأبيه: ما أغني عنك ولا أدفع عنك عذاب الله إن عصيته وأشركت به، { رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا }، يقوله إبراهيم ومن معه من المؤمنين، { وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِير }.