التفاسير

< >
عرض

لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٣
قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءآؤُاْ مِّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ
٤
-الممتحنة

معالم التنزيل

{ لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَـٰمُكُمْ }، معناه: لا يَدْعُوَنَّكُمْ ولا يحملنَّكم ذوو أرحامكم وقراباتكم وأولادكم الذين بمكة إلى خيانة الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وترك مناصحتهم وموالاة أعدائهم فلن تنفعكم أرحامكم، { ولاَ أولَـٰدُكُمْ }، الذين عصيتم الله لأجلهم، { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكم }، فيدخل أهل طاعته الجنة وأهل معصيته النار. قرأ عاصم ويعقوب { يَفْصِلِ } بفتح الياء وكسر الصاد مخففاً, وقرأ حمزة والكسائي بضم الياء وكسر الصاد مشدداً، وقرأ ابن عامر بضم الياء وفتح الصاد مشدداً، وقرأ الآخرون بضم الياء وفتح الصاد مخففاً. { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بصير }.

{ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ }، قدوة، { حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ }، من أهل الإيمان { إِذْ قَالُواْ لقومِهِمْ }، من المشركين، { إِنَّا بُرَءَآؤُاْ مِنْكُمْ }، جمع بريء، { وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ }، جحدنا وأنكرنا دينكم، { وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَٰوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ }، يأمر حاطباً والمؤمنين بالاقتداء بإبراهيم عليه الصلاة والسلام، والذين معه من المؤمنين في التبرؤ من المشركين، { إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَٰهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ }، يعني: لكم أسوة حسنة في إبراهيم وأموره إلا في استغفاره لأبيه المشرك، فإن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان قد قال لأبيه: لأستغفرن لك، ثم تبرأ منه - على ما ذكرناه في سورة التوبة - { وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ }، يقول إبراهيم عليه السلام لأبيه: ما أغني عنك ولا أدفع عنك عذاب الله إن عصيته وأشركت به، { رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا }، يقوله إبراهيم ومن معه من المؤمنين، { وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِير }.