التفاسير

< >
عرض

إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ
٧
فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ
٨
وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ
٩
وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ
١٠
هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ
١١
مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ
١٢
عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ
١٣
-القلم

معالم التنزيل

{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ * فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِين }، يعني مشركي مكة فإنهم كانوا يدعونه إلى دين آبائه فنهاه أن يطيعهم.

{ وَدُّوا لَو تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ }, قال: الضحاك لو تكفر فيكفرون. قال الكلبي: لو تلين لهم فيلينون لك. قال الحسن: لو تصانعهم في دينك فيصانعونك في دينهم. قال زيد بن أسلم: لو تنافق وترائي فينافقون ويراؤون. قال ابن قتيبة: أرادوا على أن تعبد آلهتهم مدة ويعبدون الله مدة.

{ وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ }، كثير الحلف بالباطل. قال مقاتل: يعني الوليد بن المغيرة. وقيل: الأسود بن عبد يغوث: وقال عطاء: الأخنس بن شريق. { مَهين }، ضعيف حقير. قيل: هو فعيل من المهانة وهي قلة الرأي والتمييز. وقال ابن عباس: كذاب، وهو قريب من الأول, لأن الإنسان إنما يكذب لمهانة نفسه عليه.

{ هَمَّازٍ }، مغتاب يأكل لحوم الناس بالطعن والغيبة. وقال الحسن: هو الذي يغمز بأخيه في المجلس، كقوله "همزة" { مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ }، قتَّات يسعى بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم.

{ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ }، بخيل بالمال.

قال ابن عباس: "منَّاع للخير" أي للإسلام, يمنع ولده وعشيرته عن الإسلام، يقول: لئن دخل واحد منكم في دين محمد لا أنفعه بشيء أبداً. { مُعْتدٍ }، ظلوم يتعدى الحق، { أثيم }، فاجر.

{ عُتُلٍّ }، العتل: الغليظ الجافي. وقال الحسن: هو الفاحش الخَلْق السيىء الخُلُق. قال الفرَّاء: هو الشديد الخصومة في الباطل. وقال الكلبي: هو الشديد في كفره، وكل شديد عند العرب عُتُلٍّ، وأصله من العتل وهو الدفع بالعنف. قال عبيد بن عمير: "العُتُلّ" الأكول الشروب القوي الشديد في كفره لا يزن في الميزان شعيرة، يدفع الملك من أولئك سبعين ألفاً في النار دفعة واحدة, { بَعْدَ ذَلِكَ }، أي مع ذلك يريد مع ما وصفناه به { زَنِيمٍ }، وهو الدَّعِي الملصق بالقوم، وليس منهم. قال عطاء عن ابن عباس: يريد مع هذا هو دَعيٌّ في قريش وليس منهم. قال مرة الهمداني: إنما ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة. وقيل: "الزنيم" الذي له زنمة كزنمة الشاة.

وروي عكرمة عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: نُعِت فلم يعرف حتى قيل زنيم فعرف، وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها.

وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها.

قال ابن قتيبة: لا نعلم أن الله وصف أحداً ولا ذكر من عيوبه ما ذكر من عيوب الوليد بن المغيرة، فألحق به عاراً لا يفارقه في الدنيا والآخرة.

أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان الواعظ, حدثني أبو محمد بن زنجويه بن محمد, حدثنا علي بن الحسن الهلالي, حدثنا عبد الله بن الوليد العدني عن سفيان, حدثني معبد بن خالد القيسي, عن حارثة بن وهب الخزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كلُّ ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار كل عُتُلّ جوَّاظ مستكبر" .