التفاسير

< >
عرض

إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
١٥
سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ
١٦
إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ
١٧
وَلاَ يَسْتَثْنُونَ
١٨
-القلم

معالم التنزيل

{ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءَايَـٰتُنَا قَالَ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ }، أي: جعل مجازاة النعم التي خولها من البنين والمال الكفر بآياتنا. وقيل: معناه أَلأِنْ كان ذا مال وبنين تطيعه.

ومن قرأ على الخبر فمعناه: لا تطع كل حلاف مهين لأن كان ذا مال وبنين، أي: لا تطعه لماله وبنيه، { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءَايَـٰتُنَا قَالَ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ }.

ثم أوعده فقال: { سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ }، و"الخرطوم": الأنف. قال أبو العالية ومجاهد: أي نسود وجهه, فنجعل له علماً في الآخرة يعرف به, وهو سواد الوجه.

قال الفرَّاء: خص الخرطوم بالسمة وأنه في مذهب الوجه لأن بعض الشيء يعبر به عن كله.

وقال ابن عباس: سنخطمه بالسيف، وقد فعل ذلك يوم بدر. وقال قتادة: سنلحق به شيئاً لا يفارقه.

قال القتيبي تقول العرب للرجل سب الرجل سبة قبيحة: قد وسّمه ميسم سوء، يريد: ألصق به عاراً لا يفارقه، كما أن السمة لا ينمحي ولا يعفو أثرها، وقد ألحق الله بما ذكر من عيوبه عاراً لا يفارقه في الدنيا والآخرة، كالوسم على الخرطوم.

وقال الضحاك والكسائي: سنكويه على وجهه.

{ إِنَّا بَلَوْنَـٰهُمْ }، يعني اختبرنا أهل مكة بالقحط والجوع، { كَمَا بَلَوْنَآ }، ابتلينا، { أَصْحَـٰبَ ٱلجَنَّةِ }, روى محمد بن مروان, عن الكلبي, عن أبي صالح, عن ابن عباس: في قوله عزّ وجلّ: { إِنَّا بَلَوْنَـٰهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَـٰبَ ٱلجَنَّةِ }، قال: كان بستان باليمن يقال له الضّروان, دون صنعاء بفرسخين, يطؤه أهل الطريق, كان غرسه قوم من أهل الصلاة, وكان لرجل فمات فورثه ثلاثة بنين له, وكان يكون للمساكين إذا صرموا نخلهم كل شيء تعداه المنجل فلم يجزه وإذا طرح من فوق النخل إلى البساط فكل شيء يسقط عن البساط فهو أيضاً للمساكين، وإذا حصدوا زرعهم فكل شيء تعداه المنجل فهو للمساكين وإذا داسوه كان لهم كل شيء ينتثر أيضاً، فلما مات الأب وورثه هؤلاء الإخوة عن أبيهم، فقالوا: والله إن المال لقليل, وإن العيال لكثير، وإنما كان هذا الأمر يُفعل إذ كان المال كثيراً والعيال قليلاً, فأما إذ قلَّ المال وكثر العيال فإنا لا نستطيع أن نفعل هذا، فتحالفوا بينهم يوماً ليغدون غدوة قبل خروج الناس فليصرِمُنَّ نخلهم ولم يستثنوا، يقول: لم يقولوا إن شاء الله، فغدا القوم بسدفة من الليل إلى جنتهم ليصرموها قبل أن يخرج المساكين، فرأوها مسودة, وقد طاف عليها من الليل طائف من العذاب فأحرقها, فأصبحت كالصريم, فذلك قوله عزّ وجلّ: { إِذْ أقْسَمُوا }، حلفوا، { لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ }. ليَجُذُّنّها وليقطعن ثمرها إذا أصبحوا قبل أن يعلم المساكين، { وَلاَ يَسْتَثْنُونَ }، ولا يقولون إن شاء الله.