التفاسير

< >
عرض

لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ
١٢
فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ
١٣
وَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً
١٤
فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ
١٥
وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ
١٦
وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ
١٧
-الحاقة

معالم التنزيل

{ لِنَجْعَلَهَا }، أي لنجعل تلك الفعلة التي فعلنا, مِنْ إغَراق قوم نوح ونجاة من حملنا معه، { لَكُمْ تَذْكِرَةً }، عبرة وموعظة { وَتَعِيَهَآ }، قرأ القواس عن ابن كثير وسليم عن حمزة, باختلاس العين، وقرأ الآخرون بكسرها أي تحفظها, { أُذُنٌ واعِيَةٌ }، أي: حافظة لما جاء من عند الله. قال قتادة: أذن سمعت وعقلت ما سمعت. قال الفرَّاء: لتحفظها كل أذن فتكون عبرة وموعظة لمن يأتي بعد.

{ فَإِذَا نُفِخَ فِى ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَٰحِدَةٌ }، وهي النفخة الأولى.

{ وَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ }، رفعت من أماكنها، { فَدُكَّتَا }، كسرتا، { دَكَّةً } كسرة، { واحدةً }، فصارتا هباءً منثوراً. { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ }، قامت القيامة.

{ وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِىَ يومَئِذٍ واهِيَةٌ }، ضعيفة قال الفراء: وَهْيُهَا: تشقُّقُها.

{ والمَلَك }، يعني الملائكة، { عَلَىٰ أرْجَائِهَا }، نواحيها وأقطارها ما لم ينشق منها, واحدها: "رجا" مقصوراً وتثنيته رَجَوَان. قال الضحاك: تكون الملائكة على حافتها حتى يأمرهم الرب فينزلون, فيحيطون بالأرض ومن عليها, { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فوقَهُمْ }، أي فوق رؤوسهم يعني الحملة، { يومئذٍ }، يوم القيامة، { ثمانيةٌ }، أي ثمانية أملاك.

جاء في الحديث: "إنهم اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله بأربعة أخرى، فكانوا ثمانية، على صورة الأوعال، ما بين أظلافهم إلى ركبهم كما بين سماء إلى سماء" .

وجاء في الحديث: "لكل ملك منهم وجه رجل ووجه أسد ووجه ثور ووجه نسر" .

أخبرنا أبو بكر بن الهيثم الترابي, أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي, أخبرنا محمد بن يحيى الخالدي, أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي, حدثنا عبد الرزاق, حدثنا يحيى بن العلاء, عن عمه شعيب بن خالد, حدثنا سماك بن حرب, عن عبد الله بن عميرة, "عن العباس بن عبد المطلب قال: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم بالبطحاء فمرت سحابة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما هذا؟ قلنا: السحاب، قال: والمزن؟ قلنا: والمزن، قال: والعنان؟ فسكتنا, فقال: هل تدرون كم بين السماء والأرض؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: بينهما مسيرة خمسمائة سنة، وبين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة، وكذلك غلظ كل سماء خسمائة سنة، وفوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله كما بين السماء والأرض، ثم بين ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهن وركبهن كما بين السماء والأرض, ثم فوق ذلك العرش بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض والله تعالى فوق ذلك، ليس يخفى عليه من أعمال بني آدم شيء" .

ويُروى هذا عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس.

وروي عن ابن عباس أنه قال: { فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَة } أي: ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله.