{ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ }، عتت على خُزَّانها فلم تطعهم ولم يكن لهم عليها سبيل، وجاوزت المقدار فلم يعرفوا كم خرج منها.
{ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ }, أرسلها عليهم. وقال مقاتل: سلطها عليهم. { سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَـٰنِيَةَ أيامٍ }، قال وهب: هي الأيام التي تسميها العرب أيام العجوز, ذات برد ورياح شديدة. قيل: سميت عجوزاً لأنها عجز الشتاء. وقيل: سميت بذلك لأن عجوزاً من قوم عاد دخلت سرباً فتبعتها الريح، فقتلتها اليوم الثامن من نزول العذاب وانقطع العذاب. { حُسوماً }، قال مجاهد وقتادة: متتابعة ليس لها فترة، فعلى هذا فهو مِنْ حسم الكَيّ، وهو أن يتابع على موضع الداء بالمكوة حتى يبرأ، ثم قيل لكل شيء توبع: حاسم، وجمعه حسوم، مثل شاهد وشهود، وقال الكلبي ومقاتل: حسوماً دائمة. وقال النضر بن شميل: حسمتهم قطعتهم وأهلكتهم، والحسم: القطع والمنع ومنه حسم الداء. قال الزجاج: الذي توجبه الآية فعلى معنى تحسمهم حسوماً تفنيهم وتذهبهم. وقال عطية: حسوماً كأنها حسمت الخير عن أهلها, { فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا }، أي في تلك الليالي والأيام، { صَرْعى }، هلكى جمع صريع، { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيةٍ }، ساقطة، وقيل: خالية الأجواف.
{ فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ }، أي من نفس باقية, يعني: لم يبق منهم أحد.
{ وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ }، قرأ أهل البصرة والكسائي بكسر القاف، وفتح الباء, أي ومن معه من جنوده وأتباعه، وقرأ الآخرون بفتح القاف وسكون الباء، أي ومن قبله من الأمم الكافرة، { وَٱلْمُؤْتَفِكَاتُ }، أي: قرى قوم لوط, يريد: أهل المؤتفكات. وقيل: يريد الأمم الذين ائتفكوا بخطيئتهم، أي أهلكوا بذنوبهم، { بِٱلْخَاطِئَةِ }، أي بالخطيئة والمعصية وهي الشرك.
{ فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ }، يعني لوطاً وموسى، { فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَة }، نامية. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: شديدة. وقيل: زائدة على عذاب الأمم. { إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ }، أي عتا وجاوز حده حتى علا على كل شيء وارتفع فوقه, يعني زمن نوح عليه السلام. { حَمَلْنَٰكُمْ }، أي حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم، { فِى ٱلجَارِيةِ }، في السفينة التي تجري في الماء.