التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُفْتَرِينَ
١٥٢
وَٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُوۤاْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٥٣
وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى ٱلْغَضَبُ أَخَذَ ٱلأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ
١٥٤
-الأعراف

معالم التنزيل

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ }، أي: اتخذوه إلهاً { سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ }، في الآخرة { وَذِلَّةٌ فِى ٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا }، قال أبو العالية: هو ما أمروا به من قتل أنفسهم. وقال عطية العوفي: "إن الذين اتخذوا العجل"، أراد اليهودَ الذين كانوا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم عيّرهم بصنيع آبائهم فنسبه إليهم، { سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِى ٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا }، أراد ما أصاب بني قريظة والنضير من القتل والجلاء.

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هو الجزية، { وَكَذَٰلِكَ نَجْزِى ٱلْمُفْتَرِينَ }، الكاذبين، قال أبو قلابة: هو ـ والله ـ جزاء كل مفترٍ إلى يوم القيامة أن يذلّه الله. قال سفيان بن عيينة: هذا في كل مبتدع إلى يوم القيامة.

قوله عزّ وجلّ: { وَٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَءَامَنُوۤاْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }.

قوله تبارك وتعالى: { وَلَمَّا سَكَتَ } أي: سكن، { عَن مُّوسَى ٱلْغَضَبُ أَخَذَ ٱلأَلْوَاحَ }، التي كان ألقاها وقد ذهبت ستة أسباعها { وَفِى نُسْخَتِهَا }، اختلفوا فيه، قيل: أراد بها الألواح لأنها نسخت من اللوح المحفوظ.

وقيل: إن موسى لمّا ألقى الألواح تكسرت فنسخ نسخة أخرى فهو المراد من قوله: { وَفِى نُسْخَتِهَا }.

وقيل: أراد فيما نسخ منها. وقال عطاء: فيما بقي منها. وقال ابن عباس وعمر بن دينار: لما ألقى موسى الألواح فتكسّرت صام أربعين يوماً فردت عليه في لوحين فكان فيه، { هُدًى وَرَحْمَةً }، أي: هدى من الضلالة ورحمة من العذاب، { لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ }، أي: للخائفين من ربهم، واللام في { لِرَبِّهِمْ } زيادة للتوكيد؛ كقوله: { { رَدِفَ لَكُم } [النمل: 72]، وقال الكسائي: لما تقدمتْ قبل الفعل حَسُنَتْ، كقوله: { { لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ } [يوسف: 43]، وقال قطرب: أراد من ربهم يرهبون. وقيل: أراد راهبون. وقيل: أراد راهبون لربهم.