{قالَ} الله تعالى لإبليس: {ٱخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا}، أي: معيباً، والذيم والذَّأْم أشد العيب، يقال: ذَأَمَهُ يَذْأمُهُ ذَأْمَاً فهو مذؤومٌ وذامه يذيمه ذاماً فهو مذيم، مثل سار يسير سيراً. المدحور: المبعد المطرود، يقال: دحره يدحره دحراً إذا أبعده وطرده. قال ابن عباس: مذؤوماً أي ممقوتاً، وقال قتادة: مذؤماً مدحوراً، أي: لعيناً شقياً. وقال الكلبي: مذؤماً (ملوماً) مدحوراً مقصياً من الجنّة ومن كل خير. {لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ}، من بني آدم، {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ}، اللام لام القسمُ، {مِنكُمْ أَجْمَعِينَ}، أي: منك ومن ذريّتك ومن كفار ذرية آدم أجمعين.
{وَيَـٰـآدَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ}.
{فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَـٰنُ}، أي: إليهما، والوسوسة: حديث يُلقيه الشيطان في قلب الإنسان، {لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَٰتِهِمَا}، أي: أظهر لهما ما غُطي وسُتر عنهما من عوراتهما، قيل: اللام فيه لام العاقبة وذلك أن إبليس لم يوسوس لهذا، ولكن كان عاقبة أمرهم ذلك، وهو ظهور عورتهما؛ كقوله تعالى:
{ { فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } } [القصص: 8]، ثم بين الوسوسة فقال: {وَقَالَ} يعني إبليس لآدم وحواء، {مَا نَهَـٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلآ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ}، يعني: كراهية أن تكونا من مَلَكَيْن من الملائكة يعلمان الخير والشر، {أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَـٰلِدِينَ}، من الباقين الذين لا يموتون؛ كما قال في موضع آخر: { { هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } } [طه: 120].
{وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ} أي: وأقسم وحلف لهما وهذا من المفاعلة التي تختصّ بالواحد، وقال قتادة: حلف لهما بالله حتى خدعهما، وقد يُخدع المؤمن بالله، فقال: إني خلقت قبلكما وأنا أعلم منكما فاتّبِعاني أرشدكما، وإبليس أوّل من حلف بالله كاذباً فلما حلف ظنّ آدم أن أحداً لا يحلف بالله لا يحلف بالله كاذباً، فاغترَّ به.