{ وَلاَ يَسْـأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً }، قرأ البزي عن ابن كثير "لاَ يُسْأَلُ" بضم الياء أي: لا يسأل حميم عن حميم، أي لا يقال له أين حميمك؟ وقرأ الآخرون بفتح الياء، أي: لا يسأل قريب قريباً لشغله بشأن نفسه.
{ يُبَصَّرُونَهُم }، يرونهم, وليس في القيامة مخلوق إلا وهو نصب عين صاحبه من الجن والإنس, فيبصر الرجل أباه وأخاه وقرابته فلا يسأله، ويبصر حميمه فلا يكلمه لاشتغاله بنفسه.
قال ابن عباس: يتعارفون ساعة من النهار ثم لا يتعارفون بعده.
وقيل: "يبصرونهم": يُعَرَّفونهم, أي: يُعَرَّفُ الحميم حميمه حتى يعرفه، ومع ذلك لا يسأله عن شأنه لشغله بنفسه.
وقال السدي: يعرفونهم أمّا المؤمن فببياض وجهه، وأما الكافر فبسواد وجهه، { يَوَدُّ المُجْرِمُ }، يتمنى المشرك، { لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ ببنيهِ }.
{ وَصَاحِبَتِهِ }، زوجته، { وَأَخِيهِ * وفَصِيلَتِهِ }، عشيرته التي فصل منهم. قال مجاهد: قبيلته. وقال غيره: أقرباؤه الأقربون. { ٱلَّتِى تُؤويه }، أي التي تضمه ويأوي إليها.
{ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثمَ يُنجيه }، ذلك الفداء من عذاب رَبّك.
{ كَلاَّ }، لا ينجيه من عذاب الله شيء، ثم ابتدأ فقال: { إِنَّهَا لَظى }، وهي اسم من أسماء جهنم. قيل: هي الدركة الثانية، سميت بذلك لأنها تتلظى, أي: تتلهب.
{ نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ }، قرأ حفص عن عاصم "نزاعة" نصب على الحال والقطع، وقرأ الآخرون بالرفع أي هي نزاعة للشوى، وهي الأطراف: اليدان، والرجلان، وسائر والأطراف. قال مجاهد: لجلود الرأس. وروى إبراهيم بن المهاجر عنه: تنزع اللحم دون العظام.
قال مقاتل: تنزع النارُ الأطراف فلا تترك لحماً ولا جلداً.
وقال الضحاك: تنزع الجلد واللحم عن العظم.
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: العصب والعقب.
وقال الكلبي: لأمِّ الرأس, تأكل الدماغ كله ثم يعود كما كان، ثم تعود لأكله فذلك دأبها.
وقال قتادة: لمكارم خلقه وأطرافه. وقال أبو العالية: لمحاسن وجهه.
وقال ابن جرير: "الشوى": جوارح الإنسان ما لم يكن مقتلاً، يقال: رمى فأشوى إذا أصاب الأطراف ولم يصب المقتل.