التفاسير

< >
عرض

تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّىٰ
١٧
وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ
١٨
إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً
١٩
إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً
٢٠
وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً
٢١
إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ
٢٢
ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ
٢٣
وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ
٢٤
لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ
٢٥
وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ
٢٦
وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ
٢٧
إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ
٢٨
وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ
٢٩
إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ
٣٠
فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ
٣١
وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ
٣٢
وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ
٣٣
-المعارج

معالم التنزيل

{ تَدْعُو }، أي: النار إلى نفسها، { مَنْ أَدْبَرَ }، عن الإيمان، { وَتَوَلَّىٰ }، عن الحق فتقول إليَّ يا مشرك إليَّ يا منافق إليَّ إليَّ. قال ابن عباس: تدعو الكافرين والمنافقين بأسمائهم بلسان فصيح ثم تلتقطهم كما يلتقط الطير الحب. حُكي عن الخليل: أنه قال: تدعو أي تعذب. وقال: قال أعرابي لآخر: دعاك الله أي عذبك الله.

{ وَجَمَعَ }، أي جمع المال، { فَأَوْعَىٰ }، أمسكه في الوعاء ولم يُؤدِ حق الله منه.

{ إِنَّ ٱلإِنسَـٰنَ خُلِقَ هَلُوعاً }، روى السدي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: "الهلوع": الحريص على ما لا يحل له. وقال سعيد بن جبير: شحيحاً. وقال عكرمة: ضجوراً. وقال الضحاك والحسن: بخيلاً. وقال قتادة: جزوعاً. وقال مقاتل: ضيّق القلب. والهلع: شدة الحرص، وقلة الصبر. وقال عطية عن ابن عباس: تفسيره ما بعده. وهو قوله: { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً }، أي: إذا أصابه الفقر لم يصبر، وإذا أصاب المال لم ينفق. قال ابن كيسان: خلق الله الإنسان يحب ما يسره ويهرب مما يكره، ثم تعبَّده بإنفاق ما يحب والصبر على ما يكره. ثم استثنى فقال:

{ إِلاَّ المُصَلِّين }، استثنى الجمع من الوحدان لأن الإنسان في معنى الجمع كقوله: { إنّ الإِنْسَانَ لَفِى خُسْر إِلاَّ الذِينَ آمَنُوا }.

{ ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُون }، يقيمونها في أوقاتها يعنى الفرائض.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة, حدثنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث, أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي, أخبرنا عبد الله بن محمود, أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الخلال, حدثنا عبد الله بن المبارك, عن ابن لهيعة, حدثني يزيد بن أبي حبيب: أن أبا الخير أخبره قال: سألنا عقبة بن عامر عن قول الله تعالى: { ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُون } أهم الذين يصلون أبداً؟ قال: لا, ولكنه إذا صلى لم يلتفت عن يمينه ولا عن شماله ولا خلفه.

{ وَٱلَّذِينَ فِىۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ * وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ * وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـٰفِظُونَ * إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَٰجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ * وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَـٰنَـٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَٰعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَـٰدَٰتِهِم قَائِمُونَ }، قرأ حفص عن عاصم ويعقوب "بشهاداتهم": على الجمع، وقرأ الآخرون بشهادتهم على التوحيد, { قائمون } أي يقومون فيها بالحق أولا يكتمونها ولا يغيرونها.