التفاسير

< >
عرض

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً
١
يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً
٢
وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً
٣
-الجن

معالم التنزيل

{ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ }, وكانوا تسعة من جن نصيبين. وقيل: سبعة، استمعوا قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ذكرنا خبرهم في سورة الأحقاف { فَقَالُوۤاْ }، لما رجعوا إلى قومهم: { إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانَاً عجباً }، قال ابن عباس: بليغاً، أي قرآناً ذا عجب يُعجَبُ منه لبلاغته.

{ يَهْدِىۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ }، يدعو إلى الصواب من التوحيد والإيمان، { فَـآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً }.

{ وَأَنَّهُ تَعَـٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا }، قرأ أهل الشام والكوفة غير أبي بكر عن عاصم: { وَأَنَّهُ تَعَـٰلَىٰ } بفتح الهمزة وكذلك ما بعده إلى قوله: { وَأَنَّا مِنَّا ٱلْمُسْلِمُونَ }، وقرأ الآخرون بكسرهن, وفتح أبو جعفر منها "وأنه" وهو ما كان مردوداً إلى الوحي، وكسر ما كان حكاية عن الجن.

والاختيار كسر الكل لأنه من قول الجن لقومهم، فهو معطوف على قوله: { فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانَاً عَجَباً }، وقالوا: { وَأَنَّهُ تَعَـٰلَىٰ }.

ومن فتح ردَّه على قوله: "فَـآمَنَّا به" وآمنا بكل ذلك؛ ففتح "أنّ" لوقوع الإيمان عليه.

{ جَدُّ ربِّنا }، جلال ربنا وعظمته، قاله مجاهد وعكرمة وقتادة. يقال: جَدّ الرجلُ, أي: عَظُمَ، ومنه قول أنس: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جَدّ فينا، أي: عظم قدره.

وقال السدي: "جَدُّ ربِّنا" أي أمر ربنا: وقال الحسن: غنى ربنا. ومنه قيل للجد: حظ، ورجل مجدود.

وقال ابن عباس: قدرة ربنا. قال الضحاك: فعله.

وقال القرظي: آلاؤه ونعماؤه على خلقه.

وقال الأخفش: علا ملك ربنا. { مَا ٱتَّخَذَ صَـٰحِبَةً وَلاَ وَلَدا }، قيل: تعالى جل جلاله وعظمته عن أن يتخذ صاحبةً أو ولداً.