التفاسير

< >
عرض

وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً
٤
وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً
٥
وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً
٦
-الجن

معالم التنزيل

{ وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا }، جاهلنا، قال مجاهد وقتادة: هو إبليس، { عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً }، كذباً وعدواناً وهو وصفه بالشريك والولد.

{ وَأَنَّا ظَنَنَّآ }، حسبنا، { أَن لَّن تَقُولَ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ }، قرأ يعقوب "تَقَوَّل" بفتح الواو وتشديدها, { عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً }، أي: كنا نظنهم في قولهم إن لله صاحبة وولداً حتى سمعنا القرآن.

قال الله تعالى: { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ }، وذلك أن الرجل من العرب في الجاهلية كان إذا سافر فأمسى في أرض قفر, قال: أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه، فيبيت في أمن وجوار منهم حتى يصبح.

أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي, أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي, أخبرنا ابن فنجويه, حدثنا عبد الله بن يوسف بن أحمد بن مالك, حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق المروزي, حدثنا موسى بن سعيد بن النعمان بطرسوس, حدثنا فروة بن أبي المغراء الكندي, حدثنا القاسم بن مالك, عن عبد الرحمن بن إسحاق, عن أبيه, عن كردم بن أبي سائب الأنصاري قال: خرجت مع أبي إلى المدينة في حاجة وذلك أول ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فآوانا المبيت إلى راعي غنم، فلما انتصف الليل جاء ذئب فأخذ حملاً من الغنم، فوثب الراعي فقال: يا عامر الوادي جارك, فنادى منادٍ لا نراه، يقول: يا سرحان أرسله، فأتى الحمل يشتد حتى دخل الغنم ولم تصبه كدمة، فأنزل الله عزّ وجلّ على رسوله صلى الله عليه وسلم بمكة { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ }، { فَزَادُوهُمْ رَهَقاً }، يعني زاد الإنسُ الجنَ باستعاذتهم بقادتهم رهقاً.

قال ابن عباس: إثماً. قال مجاهد: طغياناً. قال مقاتل: غيّاً. قال الحسن: شراً قال إبراهيم: عظمة وذلك أنهم كانوا يزدادون بهذا التعوذ طغياناً، يقولون: سدنا الجن والإنس، و"الرَّهق" في كلام العرب: الإثم وغشيان المحارم.