التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ
١
قُمْ فَأَنذِرْ
٢
وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ
٣
وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ
٤
-المدثر

معالم التنزيل

{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي, أخبرنا محمد بن يوسف, حدثنا محمد بن إسماعيل, حدثنا يحيى, حدثنا وكيع, عن علي بن المبارك, عن يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن؟ قال: { يَا أيُّهَا المُدّثّر }، قلت: يقولون: { { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } [العلق: 1]؟ فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله عن ذلك، فقلت له مثل الذي قلت، فقال جابر: لا أحدثك إلا بما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "جاورت بحراء فلما قضيت جواري هبطت, فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئاً, ونظرت عن شمالي فلم أر شيئاً, ونظرت أمامي فلم أر شيئاً, ونظرت خلفي فلم أر شيئاً، فرفعت رأسي فرأيت شيئاً, فأتيت خديجة فقلت: دثروني وصبوا علي ماء بارداً، قال: فدثروني وصبوا علي ماء بارداً، قال فنزلت: { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ }" .

أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي, أخبرنا محمد بن يوسف, حدثنا محمد بن إسماعيل, حدثنا عبد الله بن يوسف, حدثنا الليث, عن عُقيل قال ابن شهاب: سمعت أبا سلمة قال: أخبرني جابر بن عبد الله: قال: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن فترة الوحي: "فبينا أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض، فخشيت حتى هويت إلى الأرض، فجئت أهلي فقلت: زملوني زملوني فزملوني، فأنزل الله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ }، إلى قوله: { فَٱهْجُرْ } قال أبو سلمة: والرجز الأوثان، ثم حمي الوحي وتتابع" .

قوله عزّ وجلّ: { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ } أي: أنذر كفار مكة.

{ ورَبَّكَ فَكَبِّرْ } عظمه عمّا يقوله عبدة الأوثان.

{ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ }، قال قتادة ومجاهد: نفسك فطهر عن الذنب، فكنى عن النفس بالثوب، وهو قول إبراهيم والضحاك والشعبي والزهري. وقال عكرمة: سئل ابن عباس عن قوله: { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ }، فقال: لا تلبسها على معصية ولا على غدر، ثم قال: أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي:

وإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنع

والعرب تقول في وصف الرجل بالصدق والوفاء: إنه طاهر الثياب، وتقول لمن غدر: إنه لدنس الثياب، وقال أُبيُّ بن كعب: لا تلبسها على غدر ولا على ظلم ولا إثم، البسها وأنت برّ جواد طاهر.

وروى أبو روق عن الضحاك معناه: وعملك فأصلح.

قال السدي: يقال للرجل إذا كان صالحاً: إنه لطاهر الثياب، وإذا كان فاجراً إنه لخبيث الثياب.

وقال سعيد بن جبير: وقلبك ونيتك فطهر. وقال الحسن والقرظي: وخلقك فحسّنْ.

وقال ابن سيرين وابن زيد: أمر بتطهير الثياب من النجاسات التي لا تجوز الصلاة معها، وذلك أن المشركين كانوا لا يتطهرون ولا يطهرون ثيابهم.

وقال طاووس: وثيابك فقصر لأن تقصير الثياب طهرة لها.