{ إِنَّهَا لإِحْدَى ٱلْكُبَرِ }، يعني أن سقر لإحدى الأمور العظام، وواحد الكُبَر: كبرى، قال مقاتل والكلبي: أراد بالكُبَر: دركات جهنم وهي سبعة: جهنم, ولظى, والحطمة, والسعير, وسقر, والجحيم, والهاوية.
{ نَذِيراً لِّلْبَشَرِ }، يعني النار نذيراً للبشر, قال الحسن: والله ما أنذر الله بشيء أدهى منها. وهو نصب على القطع من قوله: "لإحدى الكبر" لأنها معرّفة، و"نذيراً" نكرة، قال الخليل: النذير مصدر كالنكير، ولذلك وصف به المؤنث، وقيل: هو من صفة الله سبحانه وتعالى، مجازه: وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة نذيراً للبشر أي إنذاراً لهم. قال أبو رزين يقول أنا لكم منها نذير، فاتقوها. وقيل: هو صفة محمد صلى الله عليه وسلم معناه: يا أيها المدثر قم نذيراً للبشر، فأنذر، وهذا معنى قول ابن زيد.
{ لِمَن شَآءَ }، بدل من قوله "للبشر": { مِنكُمْ أَن يتقَدَّمَ }، في الخير والطاعة، { أَوْ يَتَأخَّرَ }، عنها في الشر والمعصية، والمعنى: أن الإنذار قد حصل لكل واحدٍ ممن آمن أو كفر.
{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ }، مرتهنة في النار بكسبها مأخوذة بعملها.
{ إِلاَّ أَصْحَـٰبَ ٱلْيَمِينِ }، فإنهم لا يرتهنون بذنوبهم في النار ولكن يغفرها الله لهم. قال قتادة: علق الناس كلهم إلا أصحاب اليمين. واختلفوا فيهم: روي عن علي رضي الله عنه أنهم أطفال المسلمين.
وروى أبو ظبيان عن ابن عباس: هم الملائكة.
وقال مقاتل: هم أصحاب الجنة الذين كانوا على يمين آدم يوم الميثاق، حين قال الله لهم: هؤلاء في الجنة ولا أبالي. وعنه أيضاً: هم الذين أعطوا كتبهم بأيمانهم، وعنه أيضاً: هم الذين كانوا ميامين على أنفسهم.
وقال الحسن: هم المسلمون المخلصون. وقال القاسم: كل نفس مأخوذة بكسبها من خير أو شر إلا من اعتمد على الفضل، وكل من اعتمد على الكسب فهو رهين به، ومن اعتمد على الفضل فهو غير مأخوذ به.