التفاسير

< >
عرض

أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ
٣
بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ
٤
-القيامة

معالم التنزيل

{ أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَـٰنُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ }, نزلت في عدي بن ربيعة, حليف بني زهرة, ختن الأخنس بن شريق الثقفي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم اكفني جارَي السوء" ، يعني: عدياً والأخنس. وذلك أن عدي بن ربيعة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد حدثني عن القيامة متى تكون وكيف أمرها وحالها؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك ولم أؤمن بك أو يجمعُ الله العظام؟ فأنزل الله عزّ وجلّ: { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَـٰنُ } يعني الكافر { أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَه } بعد التفرق والبلى فنحييه، قيل: ذكر العظام وأراد نفسه لأن العظام قالب النفس لا يستوي الخلق إلا باستوائها. وقيل: هو خارج على قول المنكر أو يجمع الله العظام كقوله: { { قَالَ مَن يُحىِ ٱلْعِظَـٰمَ وهِى رَمِيم } [يس: 78].

{ بَلَىٰ قَـٰدِرِينَ }، أي نقدر, استقبالٌ صُرِفَ إلى الحال، قال الفرَّاء "قادرين" نصب على الخروج من نجمع, كما تقول في الكلام أتحسب أن لا نقوى عليك؟ بلى قادرين على أقوى منك، يريد: بل قادرين على أكثر من ذا.

مجاز الآية: بلى نقدر على جمع عظامه وعلى ما هو أعظم من ذلك، وهو: { عَلَىٰ أَن نُّسَوِّىَ بَنَانَه } أنامله, فنجعل أصابع يديه ورجليه شيئاً واحداً كخف البعير وحافر الحمار, فلا يرتفق بها بالقبض والبسط والأعمال اللطيفة كالكتابة والخياطة وغيرها، هذا قول أكثر المفسرين.

وقال الزَّجَّاج وابن قتيبة: معناه: ظن الكافر أنا لا نقدر على جمع عظامه, بلى نقدر على أن نعيد السلاميات على صغرها, فنؤلف بينها حتى نسوي البنان، فمن قدر على جمع صغار العظام فهو على جمع كبارها أقدر.