التفاسير

< >
عرض

وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ
٢٩
إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ
٣٠
فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ
٣١
وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ
٣٢
ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ
٣٣
أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ
٣٤
ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ
٣٥
-القيامة

معالم التنزيل

{ وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ }، قال قتادة: الشدة بالشدة. وقال عطاء: شدة الموت بشدة الآخرة، قال سعيد بن جبير: تتابعت عليه الشدائد، وقال السدي: لا يخرج من كرب إلا جاءه أشد منه.

قال ابن عباس: أمر الدنيا بأمر الآخرة, فكان في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة. وقال مجاهد: اجتمع فيه الحياة والموت.

وقال الضحاك: الناس يجهزون جسده والملائكة يجهزون روحه.

وقال الحسن: هما ساقاه إذا التفَّتَا في الكفن. وقال الشعبي: هما ساقاه عند الموت.

{ إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ }، أي مرجع العباد يومئذ إلى الله يساقون إليه.

{ فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ }، يعني: أبا جهل, لم يصدِّق بالقرآن ولا صلى لله.

{ وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } عن الإيمان.

{ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أهْلِهِ }، رجع إليهم، { يَتَمَطَّى }، يتبختر ويختال في مشيته, وقيل: أصله: "يتمطط" أي: يتمدد, والمَطُّ هو المَدّ.

{ أوْلَى لكَ فَأوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى }، هذا وعيد على وعيد من الله عزّ وجلّ لأبي جهل، وهي كلمة موضوعة للتهديد والوعيد.

وقال بعض العلماء: معناه إنك أجدر بهذا العذاب وأحق وأولى به، تقال للرجل يصيبه مكروه يستوجبه.

وقيل: هي كلمة تقولها العرب لمن قاربه المكروه وأصلها من الولاء من المولى وهو القرب, قال الله تعالى: { { قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ ٱلْكُفَّارِ } [التوبة: 123].

وقال قتادة: ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية أخذ بمجامع ثوب أبي جهل بالبطحاء وقال له: { أوْلَى لكَ فَأوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى }، فقال أبو جهل: أتوعدني يا محمد؟ والله ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئاً, وإني لأعزّ من مشى بين جبليها! فلما كان يوم بدر صرعه الله شرَّ مصرع، وقتله أسوأ قتلة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن لكل أمة فرعوناً وإن فرعون هذه الأمة أبو جهل" .