التفاسير

< >
عرض

هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً
١
إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً
٢
-الإنسان

معالم التنزيل

{ هل أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَـٰنِ }، يعني آدم عليه السلام، { حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ }، أربعون سنة ملقىً من طين بين مكة والطائف قبل أن ينفخ فيه الروح، { لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً }، لا يذكر ولا يعرف ولا يدري ما اسمه ولا ما يراد به، يريد: كان شيئاً ولم يكن مذكوراً، وذلك من حين خلقه من طين إلى أن ينفخ فيه الروح.

روي أن عمر سمع رجلاً يقرأ هذه الآية: { لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً } فقال عمر: ليتها تمت, يريد: ليته بقي على ما كان، قال ابن عباس: ثم خلقه بعد عشرين ومائة سنة.

{ إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَـٰنَ }، يعني ولد آدم، { مِن نُّطْفَةٍ }، يعني: مَنْي الرجل ومني المرأة. { أَمْشَاجٍ }: أخلاط, واحدها: مَشْجٌ وَمَشِيْجٌ، مثل خدن وخدين.

قال ابن عباس, والحسن, ومجاهد, والربيع: يعني ماء الرجل وماء المرأة يختلطان في الرحم فيكون منهما الولد، فماء الرجل أبيض غليظ وماء المرأة أصفر رقيق، فأيهما علا صاحبه كان الشبه له, وما كان من عصب وعظم فهو من نطفة الرجل، وما كان من لحم ودم وشعر فمن ماء المرأة.

وقال الضحاك: أراد بالأمشاج اختلاف ألوان النطفة, فنطفة الرجل بيضاء وحمراء وصفراء، ونطفة المرأة خضراء وحمراء وصفراء، وهي رواية الوالبي عن ابن عباس. وكذلك قال الكلبي: قال: الأمشاج البياض في الحمرة والصفرة. وقال يمان: كل لونين اختلطا فهو أمشاج. وقال ابن مسعود: هي العروق التي تكون في النطفة.

وقال الحسن: نطفة مشجت بدم, وهو دم الحيضة, فإذا حبلت ارتفع الحيض.

وقال قتادة: هي أطوار الخلق نطفة، ثم علقة, ثم مضغة، ثم عظماً ثم يكسوه لحماً ثم ينشئه خلقاً آخر.

{ نَّبْتَلِيهِ } نختبره بالأمر والنهي، { فَجَعَلْنَـٰهُ سَمِيعاً بَصِيراً } قال بعض أهل العربية: فيه تقديم وتأخير، مجازه: فجعلناه سميعاً بصيراً لنبتليه، لأن الابتلاء لا يقع إلا بعد تمام الخلقة.