التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتْ
١١
لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ
١٢
لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ
١٣
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ
١٤
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
١٥
أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ
١٦
ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلآخِرِينَ
١٧
كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ
١٨
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
١٩
أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ
٢٠
فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ
٢١
إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ
٢٢
فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ ٱلْقَادِرُونَ
٢٣
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٢٤
أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً
٢٥
أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً
٢٦
وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّآءً فُرَاتاً
٢٧
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٢٨
ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ
٢٩
ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ
٣٠
لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ ٱللَّهَبِ
٣١
إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ
٣٢
-المرسلات

معالم التنزيل

{ وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتْ }، قرأ أهل البصرة "وقتت" بالواو، وقرأ أبو جعفر بالواو وتخفيف القاف، وقرأ الآخرون بالألف وتشديد القاف، وهما لغتان. والعرب تعاقبت بين الواو والهمزة كقولهم: وكَّدت وأكدت، ورَّخت وأرخت، ومعناهما: جمعت لميقات يوم معلوم، وهو يوم القيامة ليشهدوا على الأمم.

{ لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ }، أي أخرت، وضرب الأجل لجمعهم فعجّب العباد من ذلك اليوم, ثم بيّن فقال: { لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ }، قال ابن عباس رضي الله عنهما: يوم يفصل الرحمن عز وجل بين الخلائق.

{ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * أَلَمْ نُهْلِكِ ٱلأَوَّلِينَ }، يعني الأمم الماضية بالعذاب في الدنيا حين كذبوا رسلهم.

{ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ ٱلأَخِرِينَ }، السالكين سبيلهم في الكفر والتكذيب يعني كفار مكة بتكذيبهم محمداً صلى الله عليه وسلم.

{ كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ }، يعني النطفة.

{ فَجَعَلْنَـٰهُ فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ }، يعني الرحم.

{ إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ } وهو وقت الولادة.

{ فَقَدَرْنَا }, قرأ أهل المدينة والكسائي: "فقدَّرنا" بالتشديد من التقدير، وقرأ الآخرون بالتخفيف من القدرة، لقوله: "فنعم القادرون"، وقيل: معناهما واحد، وقوله: { فَنِعْمَ ٱلْقَـٰدِرُونَ }، أي المقدّرون.

{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً } وعاءً، ومعنى الكَفْت: الضم والجمع، يقال: كفت الشيء: إذا ضمه وجمعه. وقال الفرَّاء: يريد تكفتهم أحياء على ظهرها في دورهم ومنازلهم, وتكفتهم أمواتاً في بطنها, أي: تحوزهم.

وهو قوله: { أَحْيَآءً وَأَمْوٰتاً * وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ }, جبالاً { شَـٰمِخَـٰتٍ }, عاليات، { وَأَسْقَيْنَـٰكُم مَّآءً فُرَاتاً }, عذباً.

{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } قال مقاتل: وهذا كله أعجب من البعث, ثم أخبر أنه يقال لهم يوم القيامة.

{ ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } في الدنيا.

{ ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِى ثَلَـٰثِ شُعَبٍ }, يعني دخان جهنم إذا ارتفع انشعب وافترق ثلاث فرق. وقيل: يخرج عنق من النار فيتشعب ثلاث شعب, أما النور فيقف على رؤوس المؤمنين، والدخان يقف على رؤوس المنافقين، واللهب الصافي يقف على رؤوس الكافرين.

ثم وصف ذلك الظل فقال عز وجل: { لاَّ ظَلِيلٍ } لا يظل من الحر، { وَلاَ يُغْنِى مِنَ ٱللَّهَبِ }, قال الكلبي: لا يرد لهب جهنم عنكم، والمعنى أنهم إذا استظلوا بذلك الظل لم يدفع عنهم حر اللهب.

{ إِنَّها }، يعني جهنم، { تَرْمِى بشَرَرٍ }، وهو ما تطاير من النار، واحدها شررة، { كَٱلْقَصْرِ }، وهو البناء العظيم، قال ابن مسعود: يعني الحصون.

وقال عبد الرحمن بن عياش سألت ابن عباس عن قوله: { إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ } قال: هي الخشب العظام المقطعة، وكنا نعمد إلى الخشب فنقطعها ثلاثة أذرع وفوق ذلك ودونه ندخرها للشتاء، فكنا نسميها القصر.

وقال سعيد بن جبير, والضحاك: هي أصول النخل والشجر العظام، واحدتها قصرة، مثل تمرة وتمر، وجمرة وجمر. وقرأ علي وابن عباس "كالقصر" بفتح الصاد، أي أعناق النخل، والقصرة العنق، وجمعها قصر وقصرات.