{ كَأَنَّهُ } رد الكناية إلى اللفظ، { جِمَالَةٌ }، قرأ حمزة والكسائي وحفص: "جمالة" على جمع الجمل, مثل حجر وحجارة، وقرأ يعقوب بضم الجيم بلا ألف, أراد: الأشياء العظام المجموعة، وقرأ الآخرون: "جمالات" بالألف وكسر الجيم على جمع الجمال، وقال ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير: هي حبال السفن يجمع بعضها إلى بعض، حتى تكون كأوساط الرجال، { صُفْرٌ }، جمع الأصفر، يعني لون النار. وقيل: "الصفر" معناه: السود, لأنه جاء في الحديث أن شرر نار جهنم أسود كالقير, والعرب تسمي سود الإبل صفراً لأنه يشوب سوادها شيء من صفرة كما يقال لبيض الظباء: أدم, لأن بياضها يعلوه كدرة.
{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ }، وفي القيامة مواقف، ففي بعضها يختصمون ويتكلمون, وفي بعضها يختم على أفواههم فلا ينطقون.
{ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ }، رفع عطف على قوله: "يؤذن", قال الجنيد: أي لا عذر لمن أعرض عن مُنْعِمهِ وكفر بأياديه ونِعَمِه.
{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ }، بين أهل الجنة والنار، { جَمَعْنَاكُمْ وَٱلأَوَّلِينَ }، يعني مكذبي هذه الأمة والأولين الذين كذبوا أنبياءهم.
{ فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ }، قال مقاتل: إن كانت لكم حيلة فاحتالوا لأنفسكم.
{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى ظِلَـٰلٍ }، جمع ظل أي في ظلال الشجر، { وَعُيُونٍ }, الماء.
{ وَفَوَٰكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ }.
ويقال لهم: { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيـۤئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }، في الدنيا بطاعتي.
{ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ }.
ثم قال لكفار مكة: { كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً }، في الدنيا، { إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ }, مشركون بالله عزّ وجلّ مستحقون للعذاب.
{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * إذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُواْ } صلُّوا, { لاَ يَرْكَعُونَ }, لا يصلُّون، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: إنما يقال لهم هذا يوم القيامة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون.
{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ } بعد القرآن، { يُؤْمِنُونَ }, إذا لم يؤمنوا به.