{ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ }، خائفة قلقة مضطربة، وسمي "الوجيف" في السير, لشدة اضطرابه، يقال: وجف القلب ووجب وجوفاً ووجيفاً ووجوباً ووجيباً. وقال مجاهد: وجلة. وقال السدي: زائلة عن أماكنها، نظيره
{ { إِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ } [غافر: 18]. { أَبْصَـٰرُهَا خَـٰشِعَةٌ }، ذليلة كقوله:
{ { خَاشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ } [الشورى: 45] الآية. { يَقُولُونَ } يعني المنكرين للبعث إذا قيل لهم إنكم مبعوثون من بعد الموت: { أَءِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِى ٱلْحَافِرَةِ }؟ أي: إلى أول الحال وابتداء الأمر, فنصير أحياءً بعد الموت كما كنا؟ تقول العرب: رجع فلان في حافرته, أي رجع من حيث جاء، والحافرة عندهم اسم لابتداء الشيء، وأول الشيء.
وقال بعضهم: "الحافرة": وجه الأرض التي تحفر فيها قبورهم، سميت حافرة بمعنى المحفورة، كقوله:{ عِيشَةٍ راضِيَة } أي مرضية.
وقيل: سميت حافرة لأنها مستقر الحوافر، أي أئنا لمردُودون إلى الأرض فنبعث خلقاً جديداً نمشي عليها؟ وقال ابن زيد: "الحافرة" النار.
{ أَءِذَا كُنَّا عِظَـٰماً نَّخِرَةً }، قرأ نافع, وابن عامر, والكسائي, ويعقوب: "أئنا"؟ مستفهماً، "إذا" بتركه، ضده أبو جعفر، الباقون باستفهامهما، وقرأ حمزة, والكسائي, وأبو عمرو: "عظـاماً ناخرة"،
وقرأ الآخرون "نخرة" وهما لغتان، مثل الطمع والطامع والحذر والحاذر، ومعناهما البالية، وفرّق قوم بينهما، فقالوا: النخرة: البالية, والناخرة: المجوفة التي تمر فيها الريح فتنخر, أي: تصوّت.
{ قَالُواْ }، يعني المنكرين: { تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ }، رجعة خائبة، يعني إن رددنا بعد الموت لنخسرن بما يصيبنا بعد الموت.