{ فَكَذَّبَ }، بأنهما من الله، { وَعَصَىٰ }.
{ ثُمَّ أَدْبَرَ }، تولى وأعرض عن الإيمان { يَسْعَىٰ }، يعمل بالفساد في الأرض.
{ فَحَشَرَ }، فجمع قومه وجنوده، { فَنَادَىٰ }، لما اجتمعوا.
{ فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ }، فلا رب فوقي. وقيل: أراد أن الأصنام أرباب وأنا ربكم وربها.
{ فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلأَخِرَةِ وَٱلأُولَىٰ }، قال الحسن وقتادة: عاقبه الله فجعله نكال الآخرة والأولى، أي في الدنيا بالغرق وفي الآخرة بالنار.
وقال مجاهد وجماعة من المفسرين: أراد بالآخرة والأولى كلمتي فرعون قوله:
{ { مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } [القصص: 38] وقوله: { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ }، وكان بينهما أربعون سنة. { إِنَّ فِى ذَلِكَ }، الذي فعل بفرعون حين كذب وعصى، { لَعِبْرَةً }، لعظة، { لِّمَن يَخْشَىٰ }، الله عزّ وجلّ.
ثم خاطب منكري البعث فقال: { ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ }، يعني: أخَلْقكُم بعد الموت أشدُّ عندكم وفي تقديركم أمِ السماءُ؟ وهما في قدرة الله واحد، كقوله:
{ { لَخَلْقُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ } [غافر: 57], ثم وصف من خلق السماء فقال: { بَنَـٰهَا }. { رَفَعَ سَمْكَهَا }, سقفها { فَسَوَّٰهَا }، بلا شطور ولا شقوق ولا فطور.
{ وَأَغْطَشَ } أظلم،{ لَيْلَهَا }، والغطش والغبش الظلمة، { وَأَخْرَجَ ضُحَـٰهَا }، أبرز وأظهر نهارها ونورها، وأضافهما إلى السماء لأن الظلمة والنور كلاهما ينزل من السماء.
{ وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ }، بعد خلق السماء، { دَحَـٰهَا }، بسطها، والدَّحْو: البسط. قال ابن عباس: خلق الله الأرض بأقواتها من غير أن يدحوها قبل السماء, ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات، ثم دحا الأرض بعد ذلك.
وقيل: معناه: والأرض مع ذلك دحاها، كقوله عزّ وجلّ:
{ { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } [القلم: 13] أي مع ذلك. { أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَـٰهَا * وَٱلْجِبَالَ أَرْسَـٰهَا * مَتَـٰعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَـٰمِكُمْ * فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ }, يعني النفخة الثانية التي فيها البعث وقامت القيامة، وسميت القيامة: "طامة" لأنها تطم على كل هائلة من الأمور, فتعلو فوقها وتغمر ما سواها, و "الطامة" عند العرب: الداهية التي لا تُستطاع.
{ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَـٰنُ مَا سَعَىٰ }، ما عمل في الدنيا من خير وشر.
{ وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ }، قال مقاتل يكشف عنها الغطاء فينظر إليها الخلق.
{ فَأَمَّا مَن طَغَىٰ }، في كفره.
{ وَءَاثَرَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا }، على الآخرة.
{ فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ }, عن المحارم التي تشتهيها، قال مقاتل: هو الرجل يهمّ بالمعصية فيذكر مقامه للحساب فيتركها.
{ فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِىَ ٱلْمَأْوَىٰ * يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَـٰهَا }، متى ظهورها وثبوتها.
{ فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَٰهَا }، لست في شيء من علمها وذكرها، أي لا تعلمها.
{ إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَـٰهَا }، أي منتهى علمها عند الله.