قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } أي: لا تُعرضوا عنه، { وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ }، القرآن ومواعظه.
{ وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } أي: يقولون بألسنتهم سمعنا بآذاننا وهم لا يسمعون، أي: لا يتّعظون ولا ينتفعون بسماعهم فكأنهم لم يسمعوا.
قوله تعالى: { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عند اللهِ }، أي: شرّ من دبّ على وجه الأرض [من خلق الله]، { ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ }، عن الحق فلا يسمعونه ولا يقولونه، { ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } أَمْرَ الله عزّ وجلّ سمّاهم { ٱلدَّوَابِّ } لقلّة انتفاعهم بعقولهم؛ كما قال تعالى:
{ { أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ } [الأعراف: 179]، قال ابن عباس: هم نفر من بني عبدالدار بن قصي، كانوا يقولون: نحن صُمٌّ بُكمٌ عُمي عمّا جاء به محمد، فقُتلوا جميعاً بأُحد، وكانوا أصحاب اللّواء لم يسلم منهم إلا رجلان مصعب بن عُمير وسويبط بن حرملة.
{ وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ } أي: لأسمعهم سماع التفهّم والقبول، { وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ }، بعد أن علم أنّ لا خير فيهم ما انتفعوا بذلك، { لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ }، لعنادهم وجحودهم الحق بعد ظهوره. وقيل: إنهم كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: أحيي لنا قصياً فإنه كان شيخاً مباركاً حتى يشهد لك بالنبوة فنؤمن بك، فقال الله عزّ وجلّ: "ولو أسمعهم" كلام قصي "لتولَّوا وهم معرضون".