{ مَّرْفُوعَةٍ }، رفيعة القدر عند الله عزّ وجلّ, وقيل: مرفوعة يعني في السماء السابعة. { مُّطَهَّرَةٍ }، لا يمسها إلا المطهرون، وهم الملائكة.
{ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ }، قال ابن عباس ومجاهد: كَتَبَة، وهم الملائكة الكرام الكاتبون، واحدهم سافر، يقال: سفرت أي كتبت. ومنه قيل للكاتب: سافر, وللكتاب: سِفْرٌ, وجمعه: أسفار.
وقال الآخرون: هم الرسل من الملائكة واحدهم سفير، وهو الرسول، وسفير القوم الذي يسعى بينهم للصلح، وسفرت بين القوم إذا أصلحت بينهم.
ثم أثنى عليهم فقال: { كِرَامٍ بَرَرَةٍ }، أي: كرامٍ على الله, بررة مطيعين, جمع بار.
قوله عزّ وجلّ: { قُتِلَ ٱلإِنسَـٰنُ }، أي لعن الكافر. قال مقاتل: نزلت في عتبة بن أبي لهب { مَآ أَكْفَرَهُ }، ما أشد كفره مع كثرة إحسانه إليه وأياديه عنده، على طريق التعجب، قال الزجَّاج: معناه اعجبوا أنتم من كفره. وقال الكلبي ومقاتل: هو "ما" الاستفهام، يعني: أي شيء حمله على الكفر؟ ثم بيَّن من أمره ما كان ينبغي معه أن يعلم أن الله خالقه فقال: { مِنْ أَىِّ شَىْءٍ خَلَقَهُ }، لفظه استفهامٌ ومعناه التقرير.
ثم فسره فقال: { مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ }، أطواراً: نطفة ثم علقة إلى آخر خلقه, قال الكلبي: قدَّر خلقه, رأسه وعينيه ويديه ورجليه.
{ ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُ }، أي طريق خروجه من بطن أمه. قاله السدي ومقاتل، والحسن ومجاهد: يعني طريق الحق والباطل, سهل له العلم به، كما قال:
{ { إِنَّا هَدَيْنَـٰهُ ٱلسَّبِيلَ } [الإنسان: 3] { { وَهَدَيْنَـٰهُ ٱلنَّجْدَينِ } [البلد: 10]، وقيل: يسر على كل أحد ما خلقه له وقدَّره عليه. { ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ }، جعل له قبراً يوارى فيه. قال الفراء: جعله مقبوراً ولم يجعله ممن يلقى كالسباع والطيور. يقال قبرت الميت إذا دفنته، وأقبره الله: أي صيَّره بحيث يقبر، وجعله ذا قبر، كما يقال: طردت فلاناً والله أطرده أي صيره طريداً.