{ ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ }، أحياه بعد موته.
{ كَلاَّ }، رداً عليه, أي: ليس كما يقول ويظن هذا الكافر, وقال الحسن: حقاً. { لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ }، أي لم يفعل ما أمره الله به ولم يؤد ما فرض عليه، ولما ذكر خلق ابن آدم ذكر رزقه ليعتبر فقال: { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَـٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِ }، كيف قدره ربه ودبره له وجعله سبباً لحياته. وقال مجاهد: إلى مدخله ومخرجه.
ثم بَيَّن فقال: { أَنّا } قرأ أهل الكوفة "أَنَّا" بالفتح على تكرير الخافض، مجازه: فلينظر إلى أنا، وقرأ الآخرون بالكسر على الاستئناف. { صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً }، يعني المطر.
{ ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً }, بالنبات.
{ فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً }، يعني الحبوب التي يُتغذى بها.
{ وَعِنَباً وَقَضْباً }، وهو القت الرطب، سمي بذلك لأن يقضب في كل الأيام أي يقطع. وقال الحسن: القضب: العلف للدواب.
{ وَزَيْتُوناً }، وهو ما يعصر منه الزيت، { وَنَخْلاً }، جمع نخلة.
{ وَحَدَآئِقَ غُلْباً }، غلاظ الأشجار, واحدها أغلب، ومنه قيل لغليظ الرقبة: أغلب. وقال مجاهد ومقاتل: الغُلْب: الشجر الملتفة بعضها في بعض، قال ابن عباس: طوالاً.
{ وَفَـٰكِهَةً }، يريد ألوان الفواكه، { وَأَبّاً }، يعني الكلأ والمرعى الذي لم يزرعه الناس، مما يأكله الأنعام والدواب.
قال عكرمة: "الفاكهة" ما يأكله الناس، و "الأَبُّ" ما يأكله الدواب. ومثله عن قتادة قال: الفاكهة لكم والأَبُّ لأنعامكم.
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ما أنبتت الأرض مما يأكل الناس والأنعام.
وروي عن إبراهيم التيمي أن أبا بكر سئل عن قوله: "وفاكهة وأبّاً" فقال: أيّ سماء تظلني وأيّ أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم.
وروى ابن شهاب عن أنس أنه سمع عمر بن الخطاب قرأ هذه الآية ثم قال: كل هذا قد عرفنا فما الأبُّ؟ ثم رفع عصاً كانت بيده وقال: هذا والله لَعَمْرُ الله التكلف، وما عليك يا ابن أم عمر أن لا تدري ما الأبُّ، ثم قال: اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب، وما لا تبين فدعوه.