التفاسير

< >
عرض

ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ
٢٠
مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ
٢١
وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ
٢٢
وَلَقَدْ رَآهُ بِٱلأُفُقِ ٱلْمُبِينِ
٢٣
-التكوير

معالم التنزيل

{ ذِي قُوَّةٍ }، وكان من قوته أنه اقتلع قريات قوم لوط من الماء الأسود وحملها على جناحه فرفعها إلى السماء ثم قلبها، وأنه أبصر إبليس يكلم عيسى على بعض عقاب الأرض المقدسة فنفخه بجناحه نفخة ألقاه إلى أقصى جبل بالهند، وأنه صاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين، وأنه يهبط من السماء إلى الأرض ويصعد في أسرع من الطير، { عِندَ ذِى ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ }، في المنزلة.

{ مُّطَـٰعٍ ثَمَّ }، أي في السموات تطيعه الملائكة, ومِنْ طاعة الملائكة إياه أنهم فتحوا أبواب السموات ليلة المعراج بقوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفتح خزنة الجنة أبوابها بقوله، { أمين }، على وحي الله ورسالته إلى أنبيائه.

{ وَمَا صَـٰحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ }، يقول لأهل مكة: وما صاحبكم يعني محمداً صلى الله عليه وسلم بمجنون. وهذا أيضاً من جواب القسم, أقسم على أن القرآن نزل به جبريل، وأن محمداً ليس كما يقوله أهل مكة، وذلك أنهم قالوا إنه مجنون، وما يقول يقوله من عند نفسه.

{ وَلَقَدْ رَءَاهُ }، يعني رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على صورته، { بِٱلأُفُقِ ٱلْمُبِينِ }، وهو الأفق الأعلى من ناحية المشرق، قاله مجاهد وقتادة.

أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي, أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي, أخبرني ابن فنجويه, حدثنا محمد بن جعفر, حدثنا الحسن ابن عليوة, حدثنا إسماعيل بن عيسى, حدثنا إسحاق بن بشر, أخبرنا ابن جريح, عن عكرمة ومقاتل "عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: إني أحب أن أراك في صورتك التي تكون فيها في السماء, قال لن تقوى على ذلك، قال: بلى، قال: فأين تشاء أن أتخيل لك؟ قال: بالأبطح، قال: لا يسعني، قال: فهاهنا، قال: لا يسعني، قال: فبعرفات، قال: ذلك بالحري أن يسعني فواعده، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في الوقت فإذا هو بجبريل قد أقبل من جبال عرفات بخشخشة وكلكلة، قد ملأ ما بين المشرق والمغرب، ورأسه في السماء ورجلاه في الأرض، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم كبّر وخرّ مغشياً عليه. قال: فتحول جبريل في صورته فضمه إلى صدره، وقال: يا محمد لا تخف فكيف لك لو رأيت إسرافيل ورأسه من تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة، وإن العرش لعلى كاهله، وإنه ليتضاءل أحياناً من مخافة الله عزّ وجلّ حتى يصير مثل الصعو يعني العصفور، حتى ما يحمل عرش ربك إلا عظمته" .