التفاسير

< >
عرض

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
١٠
ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ
١١
وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ
١٢
إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
١٣
كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
١٤
كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ
١٥
ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُواْ ٱلْجَحِيمِ
١٦
ثُمَّ يُقَالُ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ
١٧
كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ
١٨
-المطففين

معالم التنزيل

{ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءَايَـٰتُنَا قَالَ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ }.

{ كَلاَّ }، قال مقاتل: أي لا يؤمنون، ثم استأنف: { بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الصمد الترابي, حدثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي, أخبرنا إبراهيم بن حزيم الشاشي, أخبرنا أبو محمد عبد الله بن حميد الكَشي, حدثنا صفوان ابن عيسى, عن ابن عجلان, عن القعقاع بن حكيم, عن أبي صالح, عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه منها، وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه، فذلك الران الذي ذكر الله في كتابه: { كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } " .

وأصل "الرين": الغلبة، يقال: رانت الخمرُ على عقله تَرِينُ رَيْناً وريوناً إذا غلبت عليه فسكر، ومعنى الآية, غلبت على قلوبهم المعاصي وأحاطت بها. قال الحسن: هو الذنب على الذنب حتى يموت القلب. قال ابن عباس: "ران على قلوبهم" طبع عليها.

{ كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ } يوم القيامة { لَّمَحْجُوبُونَ }، قال ابن عباس: "كلا" يريد: لا يصدقون، ثم استأنف فقال: { إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ }، قال بعضهم: عن كرامته ورحمته ممنوعون. وقال قتادة: هو ألا ينظر إليهم ولا يزكيهم. وقال أكثر المفسرين: عن رؤيته.

قال الحسن: لو علم الزاهدون العابدون أنهم لا يرون ربهم في المعاد لزهقت أنفسهم في الدنيا.

قال الحسين بن الفضل: كما حجبهم في الدنيا عن توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته.

وسئل مالك عن هذه الآية فقال: لما حجب الله أعداءه فلم يروه تجلى لأوليائه حتى رأوه.

وقال الشافعي رضي الله عنه في قوله: { كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ }: دلالة على أن أولياء الله يرون الله.

ثم أخبر أن الكفار مع كونهم محجوبين عن الله يدخلون النار فقال:

{ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُواْ ٱلْجَحِيمِ }، لداخلو النار.

{ ثُمَّ يُقَالُ }, أي تقول لهم الخزنة، { هَذَا }، أي هذا العذاب، { ٱلَّذِى كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبون }.

{ كَلاَّ }، قال مقاتل: لا يؤمن بالعذاب الذي يصلاه. ثم بين محل كتاب الأبرار فقال: { إِنَّ كِتَـٰبَ ٱلأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ }, روينا عن البراء مرفوعاً: "إن عليين في السماء السابعة تحت العرش".

وقال ابن عباس: هو لوح من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش أعمالهم مكتوبة فيه.

وقال كعب, وقتادة: هو قائمة العرش اليمنى.

وقال عطاء عن ابن عباس: هو الجنة. وقال الضحاك: سدرة المنتهى.

وقال بعض أهل المعاني: علو بعد علو وشرف بعد شرف، ولذلك جمعت بالياء والنون.

وقال الفراء: هو اسم موضوع على صيغة الجمع, لا واحد له من لفظه, مثل عشرين وثلاثين.