التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ
١٩
كِتَابٌ مَّرْقُومٌ
٢٠
يَشْهَدُهُ ٱلْمُقَرَّبُونَ
٢١
إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ
٢٢
عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ
٢٣
تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ
٢٤
يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ
٢٥
خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَافِسُونَ
٢٦
-المطففين

معالم التنزيل

{ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَـٰبٌ مَّرْقُومٌ }، ليس بتفسير عليين, أي مكتوب أعمالهم, كما ذكرنا في كتاب الفجار، وقيل: كتب هناك ما أعد الله لهم من الكرامة، وهو معنى قول مقاتل. وقولهم: رقم لهم يخبر. وتقدير الآية على التقديم والتأخير, مجازها: إن كتاب الأبرار كتاب مرقوم في عليين، وهو محل الملائكة، ومثله إن كتاب الفجار كتاب مرقوم في سجين، وهو محل إبليس وجنده.

{ يَشْهَدُهُ ٱلْمُقَرَّبُونَ }، يعني الملائكة الذين هم في عليين, يشهدون ويحضرون ذلك المكتوب، أو ذلك الكتاب إذا صعد به إلى عليين.

{ إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ }، إلى ما أعطاهم الله من الكرامة والنعمة، وقال مقاتل: ينظرون إلى عدوهم كيف يعذبون.

{ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ }، إذا رأيتهم عرفت أنهم من أهل النعمة مما ترى في وجوههم من النور والحسن والبياض، قال الحسن: النضرة في الوجه والسرور في القلب، قرأ أبو جعفر ويعقوب: "تُعْرَف" بضم التاء وفتح الراء على غير تسمية الفاعل "نُضْرةُ" رفع, وقرأ الباقون بفتح التاء وكسر الراء, "نضرةَ" نصب.

{ يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ }، خمر صافية طيبة. قال مقاتل: الخمر البيضاء. { مَّخْتُومٍ }، ختم ومنع من أن تمسه يد إلى أن يفك ختمه الأبرار، قال مجاهد: "مختوم" أي مطّين.

{ خِتَامُهُ }، أي طينه، { مِسْكٌ }، كأنه ذهب إلى هذا المعنى، قال ابن زيد: ختامه عند الله مسك, وختام خمر الدنيا طين. وقال ابن مسعود: "مختوم" أي ممزوج ختامه أي: آخر طعمه، وعاقبته مسك, فالمختوم الذي له ختام، أي آخر, وخَتْمُ كلِ شيء الفراغ منه. وقال قتادة: يمزج لهم بالكافور ويختم بالمسك.

وقراءة العامة { خِتَـٰمُهُ مِسْكٌ } بتقديم التاء، وقرأ الكسائي "خاتمه" وهي قراءة علي وعلقمة, ومعناهما واحد, كما يقال: فلان كريم الطابع والطباع والخاتم والختام آخر كل شيء.

{ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَـٰفِسُونَ }، فليرغب الراغبون بالمبادرة إلى طاعة الله عزّ وجلّ. وقال مجاهد: فليعمل العاملون، نظيره. قوله تعالى: { { لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَـٰمِلُونَ } [الصافات: 61]، وقال مقاتل بن سليمان: فليتنازع المتنازعون وقال عطاء: فليستبق المستبقون، وأصله من الشيء النفيس الذي تحرص عليه نفوس الناس، ويريده كل أحد لنفسه وينفس به على غيره، أي يضِنُّ.