التفاسير

< >
عرض

إِنَّهُ كَانَ فِيۤ أَهْلِهِ مَسْرُوراً
١٣
إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ
١٤
بَلَىٰ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً
١٥
فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ
١٦
وَٱللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ
١٧
وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ
١٨
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ
١٩
-الانشقاق

معالم التنزيل

{ إِنَّهُ كَانَ في أَهْلِهِ مَسْرُوراً }، يعني في الدنيا, باتباع هواه وركوب شهوته.

{ إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ }، أن لن يرجع إلينا ولن يبعث ثم قال:

{ بَلَىٰ }، أي: ليس كما ظن, بل يحور إلينا ويبعث، { إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً } من يوم خلقه إلى أن بعثه.

قوله عزّ وجلّ: { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ }، قال مجاهد: هو النهار كله. وقال عكرمة: ما بقي من النهار. وقال ابن عباس وأكثر المفسرين: هو الحمرة التي تبقى في الأفق بعد غروب الشمس. وقال قوم: هو البياض الذي يعقب تلك الحمرة.

{ وَٱلَّيْلِ وَمَا وَسَقَ }، أي جمع وضمَّ, يقال: وسقته أسقه وسقاً, أي: جمعته, واستوسقت الإبل: إذا اجتمعت وانضمت. والمعنى: والليل وما جمع وضمَّ ما كان بالنهار منتشراً من الدواب، وذلك أن الليل إذا أقبل آوى كل شيء إلى مأواه. روى منصور عن مجاهد قال: ما لف وأظلم عليه. وقال مقاتل بن حيان: أقبل من ظلمة أو كوكب. وقال سعيد بن جبير. وما عمل فيه.

{ وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ }، اجتمع واستوى وتم نوره وهو في الأيام البيض. وقال قتادة: استدار, وهو افتعل من الوَسْق الذي هو الجمع.

{ لَتَرْكَبُنَّ }، قرأ أهل مكة وحمزة والكسائي: "لتركَبنَّ" بفتح الباء، يعني لتركبن يا محمد { طَبَقاً عَن طبق }، قال الشعبي ومجاهد: سماء بعد سماء. قال الكلبي: يعني تصعد فيها. ويجوز أن يكون درجة بعد درجة ورتبة بعد رتبة في القرب من الله تعالى والرفعة.

أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي, أخبرنا محمد بن يوسف, حدثنا محمد بن إسماعيل, حدثنا سعيد بن النضر, أخبرنا هشيم, أخبرنا أبو بشر عن مجاهد قال قال ابن عباس: { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَقٍ } حالاً بعد حال، قال: هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم.

وقيل: أراد به السماء تتغير لوناً بعد لون، فتصير تارة كالدهان وتارة كالمهل، وتنشق بالغمام مرة وتطوى أخرى. وقرأ الآخرون بضم الباء, لأن المعنى بالناس أشبه, لأنه ذكر من قبل: { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ }، "وشماله" وذكر من بعد: { فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }، وأراد: لتركبُنَّ حالاً بعد حال, وأمراً بعد أمر في موقف القيامة، يعني: الأحوال تنقلب بهم, فيصيرون في الآخرة على غير الحال التي كانوا عليها في الدنيا. و"عن" بمعنى بعد.

وقال مقاتل: يعني الموت ثم الحياة ثم الموت ثم الحياة.

وقال عطاء: مرة فقيراً ومرة غنياً. وقال عمرو بن دينار عن ابن عباس: يعني الشدائد وأهوال الموت، ثم البعث ثم العرض. وقال عكرمة: حالاً بعد حال, رضيع ثم فطيم ثم غلام ثم شاب ثم شيخ. وقال أبو عبيدة: لتركبن سنن من كان قبلكم وأحوالهم.

أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي, أخبرنا محمد بن يوسف, حدثنا محمد بن إسماعيل, حدثنا محمد بن عبد العزيز, أخبرنا أبو عمرو الصنعاني من اليمن عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جُحْرَ ضبٍ لتبعتموهم قلنا: يا رسول الله آليهود والنصارى؟ قال: فمن" .