التفاسير

< >
عرض

فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ
٥
خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ
٦
يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ
٧
إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ
٨
يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ
٩
-الطارق

معالم التنزيل

{ فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَـٰنُ مِمَّ خُلِقَ }، أي من أي شيء خلقه ربه، أي فلينظر نظر المتفكر.

ثم بيَّن فقال: { خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ }، مدفوق أي مصبوب في الرحم، وهو المني، فاعل بمعنى مفعول كقوله: { { عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } [الحاقة: 21]، أي مرضية, والدفق: الصب, وأراد ماء الرجل وماء المرأة, لأن الولد مخلوق منهما، وجعله واحداً لامتزاجهما.

{ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ }، يعني صلب الرجل وترائب المرأة, و "الترائب": جمع التَّرِبية, وهي عظام الصدر والنحر. قال ابن عباس: هي موضع القلادة من الصدر. وروى الوالبي عنه: بين ثديي المرأة. وقال قتادة: النحر: وقال ابن زيد: الصدر.

{ إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ }، قال مجاهد: على رد النطفة في الإحليل. وقال عكرمة: على رد الماء في الصلب الذي خرج منه. وقال الضحاك: إنه على ردّ الإنسان ماءً كما كان من قبل لقادر. وقال مقاتل بن حيان: إن شاء رده من الكبر إلى الشباب, ومن الشباب إلى الصبا, ومن الصبا إلى النطفة, وقال ابن زيد: إنه على حبس ذلك الماء لقادر حتى لا يخرج وقال قتادة: إن الله تعالى على بعث الإنسان وإعادته قادر. وهذا أولى الأقاويل لقوله:

{ يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ }، وذلك يوم القيامة تبلى السرائر, تظهر الخفايا قال قتادة ومقاتل: تختبر الأعمال, قال عطاء بن أبي رباح: السرائر فرائض الأعمال، كالصوم والصلاة والوضوء والاغتسال من الجنابة، فإنها سرائر بين الله تعالى وبين العبد، فلو شاء العبد لقال: صمتُ ولم يصم، وصليتُ ولم يصل، واغتسلت ولم يغتسل، فيختبر حتى يظهر من أداها ممن ضيّعها.

قال ابن عمر: بيدي الله عزّ وجلّ يوم القيامة كل سر, فيكون زيناً في وجوه وشيناً في وجوه، يعني: من أداها كان وجهه مشرقاً، ومن ضيّعها كان وجهه أغبر.