التفاسير

< >
عرض

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ
٨
لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ
٩
فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ
١٠
لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً
١١
فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ
١٢
فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ
١٣
وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ
١٤
وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ
١٥
وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ
١٦
أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ
١٧
وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ
١٨
وَإِلَىٰ ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ
١٩
وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ
٢٠
-الغاشية

معالم التنزيل

ثم وصف أهل الجنة فقال: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ }، قال مقاتل: في نعمة وكرامة.

{ لِّسَعْيِهَا }، في الدنيا، { رَاضِيَةٌ }، في الآخرة حين أعطيت الجنة بعملها.

{ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً }, لغو وباطل, قرأ أهل مكة والبصرة: "لا يُسْمَعُ" بالياء وضمها، "لاغيةٌ" رفع، وقرأ نافع "لا تُسمع" بالتاء وضمها, "لاغيةٌ" رفع، وقرأ الآخرون بالتاء وفتحها "لاغيةً" بالنصب, على الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.

{ فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ }، قال ابن عباس: ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت, مرتفعة ما لم يجيء أهلها، فإذا أراد أن يجلس عليها تواضعت له حتى يجلس عليها, ثم ترتفع إلى مواضعها.

{ وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ }، عندهم، جمع كوب, وهو الإبريق الذي لا عروة له.

{ وَنَمَارِقُ }، وسائد ومرافق، { مَصْفُوفَةٌ }، بعضها بجنب بعض, واحدتها "نُمْرُقَة" بضم النون.

{ وَزَرَابِيُّ }، يعني البسط العريضة. قال ابن عباس: هي الطنافس التي لها خمل واحدتها زَرْبِيَّة, { مَبْثُوثَةٌ }، مبسوطة، وقيل: متفرقة في المجالس.

{ أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ }, قال أهل التفسير: لما نعت الله تعالى في هذه السورة ما في الجنة عجب من ذلك أهل الكفر وكذبوه، فذكَّرهم الله تعالى صنعه فقال: { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ }،من بين سائر الحيوانات { كَيْفَ خُلِقَتْ }, وكانت الإبل من عيش العرب، لهم فيها منافع كثيرة, فلما صنع لهم ذلك في الدنيا صنع لأهل الجنة فيها ما صنع.

وتكلمت الحكماء في وجه تخصيص الإبل من بين سائر الحيوانات؛ فقال مقاتل: لأنهم لم يروا بهيمة قط أعظم منها، ولم يشاهد الفيل إلا الشاذ منهم.

وقال الكلبي: لأنها تنهض بحملها وهي باركة.

وقال قتادة: ذكر الله تعالى ارتفاع سُرُرِ الجنة وفُرُشِها، فقالوا: كيف نصعدها فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وسئل الحسن عن هذه الآية وقيل له: الفيل أعظم في الأعجوبة؟ فقال: أما الفيل فالعرب بعيدة العهد بها، ثم هو لا خير فيه لا يُركب ظهرها ولا يُؤكل لحمها ولا يُحلب درها، والإبل أعز مال للعرب وأنفسه تأكل النوى والقت وتخرج اللبن.

وقيل: إنها مع عظمها تلين للحمل الثقيل وتنقاد للقائد الضعيف. حتى إن الصبي الصغير يأخذ بزمامها فيذهب بها حيث شاء، وكان شريح القاضي يقول: اخرجوا بنا إلى كناسة اسطبل حتى ننظر إلى الإبل كيف خُلقت.

{ وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ }، عن الأرض حتى لا ينالها شيء بغير عمد.

{ وَإِلَى ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ }، على وجه الأرض مرساة لا تزول.

{ وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ }، بسطت، قال عطاء عن ابن عباس: هل يقدر أحد أن يخلق مثل الإبل, أو يرفع مثل السماء, أو ينصب مثل الجبال, أو يسطح مثل الأرض غيري؟.