قوله عز وجل: { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ } الآية، نزلت في الحث على غزوة تبوك، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من الطائف أمر بالجهاد لغزوة الروم، وكان ذلك في زمان عسرة من الناس، وشدة من الحرّ، حين طابت الثمار والظلال، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلاّ ورّى بغيرها حتى كانت الغزوة، غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَرٍّ شديد، واستقبل سفراً بعيداً، ومفاوز هائلة، وعدواً كثيراً، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم، فشقّ عليهم الخروج وتثاقلوا فأنزل الله تعالى: { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ } أي: قال لكم رسول الله: { ٱنفِرُواْ } اخرجوا في سبيل الله { ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ } أي: لزمتم أرضكم ومساكنكم، { أَرَضِيتُم بِٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلأَخِرَةِ }، أي: بخفض الدنيا ودَعَتِها من نعيم الآخرة، { فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِى ٱلأَخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ }.
ثم أوعدهم على ترك الجهاد، فقال تعالى:
{ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا }، في الآخرة. وقيل: هو احتباس المطر عنهم في الدنيا. وسأل نجدةُ بن نفيع ابنَ عباس عن هذه الآية، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنفر حياً من أحياء العرب، فتثاقلوا عليه، فأمسك عنهم المطر، فكان ذلك عذابهم. { وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ } خيراً منكم وأطوع. قال سعيد بن جبير: هم أبناء فارس. وقيل: هم أهل اليمن، { وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا }، بترككم النفير. { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ }.