التفاسير

< >
عرض

قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ
٥٢
قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ
٥٣
وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ
٥٤
-التوبة

معالم التنزيل

{ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ }، تنتظرون بنا أيها المنافقون، { إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ }، إما النصر والغنيمة أو الشهادة والمغفرة. وروينا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تكفَّلَ اللّهُ لِمَنْ جاهد في سبيله لا يُخْرِجُه من بيته إلا الجهاد في سبيله، وتصديق كلمته، أن يدخله الجن، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة" .

{ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ }، إحدى السوأتين إمّا: { أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ }، فيهلككم كما أهلك الأمم الخالية، { أَوْ بِأَيْدِينَا } أي: بأيدي المؤمنين إن أظهرتم ما في قلوبكم، { فَتَرَبَّصُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ }، قال الحسن: فتربصوا مواعيد الشيطان إنا متربصون مواعيد الله من إظهار دينه واستئصال من خالفه.

{ قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً }، أمرٌ بمعنى الشرط والجزاء، أي: إن أنفقتم طوعاً أو كرهاً، نزلت في جد بن قيس حين استأذن في القعود، قال: أُعِيْنُكم بمالي، يقول: إن أنفقتم طوعاً أو كرهاً { لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ }، أي: لأنكم، { كُنتُمْ قَوْماً فَـٰسِقِينَ }.

{ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ }، قرأ حمزة والكسائي: { يقبل } بالياء لتقدم الفعل، وقرأ الباقون بالتاء لأن الفعل مسند إلى جمع مؤنث وهو النفقات، فأنَّث الفعل ليعلم أن الفاعل مؤنث، { نَفَقَـٰتُهُمْ }، صدقاتهم، { إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ }، أي: المانع من قبول نفقاتهم كفرهم، { وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ }، متثاقلون لأنهم لا يرجون على أدائها ثواباً، ولا يخافون على تركها عقاباً، فإن قيل: كيف [ذمَّ] الكسلَ في الصلاة ولا صلاة لهم أصلاً؟ قيل: الذم واقع على الكفر الذي يبعث على الكسل، فإن الكفر مُكسل، والإيمان منشط، { وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَـٰرِهُونَ }، لأنهم يعدونها مغرماً ومنعها مغنماً.