{ فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُهُمْ }، والإِعجاب هو السرور بما يتعجب منه، يقول: لا تستحسن ما أنعمنا عليهم من الأموال والأولاد لأن العبد إذا كان من الله في استدراج كثّر الله ماله وولده، { إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا }، فإن قيل أي تعذيب في المال والولد وهم يتنعمون بها في الحياة الدنيا؟
قيل: قال مجاهد وقتادة: في الآية تقديم وتأخير، تقديره: فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا، إنّما يريد الله ليعذّبهم بها في الآخرة.
وقيل: التعذيب بالمصائب الواقعة في المال والولد.
وقال الحسن: يعذبهم بها في الدنيا بأخذ الزكاة منها والنفقة في سبيل الله. وقيل: يعذبهم بالتعب في جمعه، والوجل في حفظه، والكره في إنفاقه، والحسرة على تخليفه عند من لا يحمده، ثم يُقدم على مَلِكٍ لا يُعْذره. { وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ }، أي: تخرج، { وَهُمْ كَـٰفِرُونَ }، أي: يموتون على الكفر.
{ وَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ }، أي: على دينكم، { وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } [يخافون أن يظهروا ما هم عليه].
{ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً }، حرزاً أو حصناً أو معقلاً. وقال عطاء: مهرباً، وقيل: قوماً يأمنون فيهم. { أَوْ مَغَـٰرَاتٍ }، غِيرَاناً في الجبال، جمع مغارة وهو الموضع الذي يغور فيه، أي يستتر. وقال عطاء: سراديب. { أَوْ مُدَّخَلاً }، موضع دخول فيه، وهو من أدخل يدخل، وأصله: مدتخل مفتعل، من أدخل يدخل. قال مجاهد: محرزاً. وقال قتادة: سرباً. وقال الكلبي: نفقاً في الأرض كنفق اليربوع. وقال الحسن: وجهاً يدخلونه على خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرىء: (مَدْخلاً)، بفتح الميم وتخفيف الدال، وكذلك قرأ يعقوب، { لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ }، لأدبروا إليه هرباً منكم، { وَهُمْ يَجْمَحُونَ }، يسرعون في إباءٍ ونفورٍ ولا يردّ وجوهَهم شيء. ومعنى الآية: أنهم لو يجدون مخلصاً منكم ومهرباً لفارقوكم.