{لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ جَـٰهَدُواْ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلْخَيْرَاتُ}، يعني: الحسنات، وقيل: الجواري الحسان في الجنة، قال الله تعالى: (فيهنَّ خيراتٌ حِسَان)، جمع خَيْرَة، وحكي عن ابن عباس: أَنَّ الخير لا يعلم معناه إلا الله كما قال جلّ ذكرهُ:
{ { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } } [السجدة:17]. {وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ}.
{أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا ذَٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ}.
قوله تعالى: {وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ} الآية، قرأ يعقوب ومجاهد: {المُعْذِرُونَ} بالتخفيف وهم المبالغون في العذر، يقال في المَثَل: «لقد أُعذر من أنذر» أي: بالغ في العذر من قدم النذارة، وقرأ الآخرون: {المعذِّرون} بالتشديد، أي: المقصرون، يقال: عَذَّرَ أي: قصر، وقال الفراء: المعذرون المعتذرون أدغمت التاء في الذال ونُقلت حركة التاء إلى العين.
وقال الضحاك:
"المعذرون هم رهط عامر بن الطفيل جاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم دفاعاً عن أنفسهم فقالوا: يانبي الله إنْ نحنُ غزونا معك تغير أعراب طيء على حلائلنا وأولادنا ومواشينا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أنبأني الله من أخباركم وسيغني الله عنكم" .
وقال ابن عباس: هم الذين تخلّفوا بعذر بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
{وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ}، يعني: المنافقين.
قال أبو عمرو بن العلاء: كلا الفريقين كان مسيئاً قوم تكلفوا عذراً بالباطل، وهم الذين عناهم تعالى بقوله: {وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ}، وقوم تخلّفوا عن غير تكلّف عذر فقعدوا جرأةً على الله تعالى، وهم المنافقون فأوعدهم الله بقوله: {سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.