التفاسير

< >
عرض

وَٱلضُّحَىٰ
١
وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ
٢
مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ
٣
-الضحى

معالم التنزيل

أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي, أخبرنا محمد بن يوسف, حدثنا محمد بن إسماعيل, حدثنا أحمد بن يونس, حدثنا زهير, حدثنا الأسود بن قيس قال: سمعت جندب ابن سفيان قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثاً فجاءت امرأة فقالت: يا محمد إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك, لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث، فأنزل الله عزّ وجلّ: { وَٱلضُّحَىٰ * وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ }.

وقيل: إن المرأة التي قالت ذلك أم جميل امرأة أبي لهب.

وقال المفسرون: سألت اليهودُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين وأصحاب الكهف وعن الروح؟ فقال: سأخبركم غداً, ولم يقل: إن شاء الله، فاحتبس عنه الوحي.

وقال زيد بن أسلم: كان سبب احتباس جبريل عليه السلام عنه كون جَرْوٍ في بيته، فلما نزل عاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبطائه، فقال: إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب أو صورة.

واختلفوا في مدة احتباس الوحي عنه، فقال ابن جريج: اثنا عشر يوماً. وقال ابن عباس: خمسة عشر يوماً. وقال مقاتل: أربعون يوماً.

قالوا: فقال المشركون: إن محمداً ودّعه ربه وقلاه، فأنزل الله تعالى هذه السورة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا جبريل ما جئت حتى اشتقت إليك، فقال جبريل: إني كنت أشد شوقاً إليك، ولكني عبد مأمور، فأنزل: { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ } [مريم: 64]" .

قوله عزّ وجلّ: { وَٱلضُّحَىٰ }، أقسم بالضحى وأراد به النهار كله، بدليل أنه قابله بالليل فقال والليل إذا سجى، نظيره: قوله: { { أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى } [الأعراف: 98]، أي نهاراً.

وقال قتادة ومقاتل: يعني وقت الضحى، وهي الساعة التي فيها ارتفاع الشمس، واعتدال النهار في الحر والبرد والصيف والشتاء.

{ وَٱلَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ }، قال الحسن: أقبل بظلامه، وهي رواية العوفي عن ابن عباس: وقال الوالبي عنه: إذا ذهب، قال عطاء والضحاك: غطى كل شيء بالظلمة. وقال مجاهد: استوى. وقال قتادة وابن زيد: سكن واستقر ظلامه فلا يزداد بعد ذلك. يقال: ليل ساج وبحر ساج إذا كان ساكناً. قوله تعالى: { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ }، هذا جواب القسم, أي ما تركك منذ اختارك ولا أبغضك منذ أحبك.