التفاسير

< >
عرض

وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ
٧
وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ
٨
فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ
٩
-الضحى

معالم التنزيل

{ وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ }، يعني ضالاً عما أنت عليه { فَهَدَىٰ } أي: فهداك للتوحيد والنبوة.

قال الحسن والضحاك وابن كيسان: { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ } عن معالم النبوة وأحكام الشريعة غافلاً عنها، فهداك إليها، كما قال: { { وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلْغَـٰفِلِينَ } [يوسف: 3] وقال: { { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ } [الشورى: 52].

وقيل: ضالاً في شعاب مكة فهداك إلى جدك عبد المطلب. وروى أبو الضحى عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضل في شعاب مكة وهو صبي صغير، فرآه أبو جهل منصرفاً عن أغنامه فرده إلى عبد المطلب.

وقال سعيد بن المسيب: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب في قافلة ميسرة غلام خديجة فبينما هو راكب ذات ليلة ظلماء ناقةً إذ جاء إبليس فأخذ بزمام الناقة فعدل به عن الطريق، فجاء جبريل فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى أرض الحبشة، ورده إلى القافلة فمنّ الله عليه بذلك. وقيل: وجدك ضالاً ضالّ نفسك لا تدري من أنت، فعرّفك نفسك وحالك.

{ وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ }، أي فقيراً فأغناك بمال خديجة ثم بالغنائم.

وقال مقاتل: فأرضّاك بما أعطاك من الرزق. واختاره الفرَّاء. وقال: لم يكن غنياً عن كثرة المال ولكن الله أرضاه بما آتاه وذلك حقيقة الغنى.

أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي أنبأنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي, أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان, حدثنا أحمد بن يوسف السلمي, حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن همام بن منبه أنه قال أخبرنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس الغنى عن كثرة العَرضِ، ولكن الغنى غنى النفس" .

أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسين الزغرتاني, أخبرنا أحمد بن سعيد أخبرنا أبو يحيى محمد بن عبد الله, حدثنا أبي, حدثني شرحبيل بن شريك عن أبي عبد الرحمن الحُبَلي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قد أفلح من أسلم، ورُزق كفافاً، وقنّعه الله بما آتاه" .

ثم أوصاه باليتامى والفقراء. فقال:

{ فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ }، قال مجاهد: لا تحقر اليتيم فقد كنت يتيماً. وقال الفرَّاء والزجَّاج: لا تقهره على ماله فتذهب بحقه لضعفه، وكذا كانت العرب تفعل في أمر اليتامى، تأخذ أموالهم وتظلمهم حقوقهم.

أخبرنا أبو بكر محمد عبد الله بن أبي توبة, أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث, أخبرنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي, أخبرنا عبد الله بن محمود, أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن الخلال, حدثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب عن يحيى بن سليمان عن زيد بن أبي عتاب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُ بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يُساء إليه ثم قال بأصبعه: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وهو يشير بأصبعيه السبابة والوسطى" .