التفاسير

< >
عرض

فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ
٧٢
فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنْذَرِينَ
٧٣
-يونس

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

المعنى فإن لم تقبلوا على دعوتي وكفرتم بها وتوليتم عنها، و" التولي " أصله في البدن ويستعمل في الإعراض عن المعاني، يقول: فأنا لم أسألكم أجراً على ذلك ولا مالاً، فيقع منكم قطع بي وتقصير بإرادتي، وإنما أجري على الذي بعثني، وقرأ نافع وأبو عمرو بخلاف عنه: "أجري" بسكون الياء، وقرأ "أجريَ" بفتح الياء الأعرج وطلحة بن مصرف وعيسى وأبو عمرو،، وقال أبو حاتم: هما لغتان، والقراءة بالإسكان في كل القرآن، ثم أخبرهم بأن الله أمره بالإسلام والدين الحنيفي الذي هو توحيد الله والعمل بطاعته والإعداد للقائه، وقوله { فكذبوه } الآية، إخبار من الله عز وجل عن حال قوم نوح المكذبين له، وفي ضمن ذلك الإخبار توعد للكفار بمحمد صلى الله عليه وسلم وضرب المثال لهم، أي أنتم بحال هؤلاء من التكذيب فسيكونون بحالهم من النقمة والتعذيب، و { الفلك }: السفينة، والمفسرون وأهل الآثار مجمعون على أن سفينة نوح كانت واحدة، و { الفلك } لفظ الواحد منه ولفظ الجمع مستو وليس به وقد مضى شرح هذا في الأعراف، و { خلائف } جمع خليفة، وقوله { فانظر } مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم يشاركه في معناها جميع الخلق، وفي هذه الآية أنه أغرق جميع من كذب بآيات الله التي جاء بها نوح، وهي مقتضية أيضاً أنه أنذرهم فكانوا منذرين، فلو كانوا جميع أهل الأرض كما قال بعض الناس لاستوى: نوح ومحمد صلى الله عليه وسلم في البعث إلى أهل الأرض، ويرد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " "أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي" " الحديث. ويترجح بهذا النظر أن بعثة نوح والغرق إنما كان في أهل صقع لا في أهل جميع الأرض.