المعنى: { ما جئتنا }
بآية تضطرنا إلى الإيمان بك
ونفوا أن تكون معجزاته آية
بحسب ظنهم وعماهم
عن الحق، كما جعلت قريش
القرآن سحراً وشعراً ونحو هذا،
وقد قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
"ما من نبي إلا
وقد أوتي من الآيات ما مثله آمن
عليه البشر" الحديث، وهذا يقضي
بأن هوداً وغيره من
الرسل لهم معجزات وإن لم يعين
لنا بعضها.
وقوله: { عن قولك } أي لا يكون
قولك سبب تركنا إذ هو مجرد عن
آية، وقولهم: { إن نقول }
الآية، معناه ما نقول إلا أن بعض
الآلهة لما سببتها وضللت عبدتها
أصابك بجنون، يقال: عر يعر
واعترى
يعتري إذا ألم بالشيء، فحينئذ
جاهرهم هود عليه السلام بالتبري
من أوثانهم وحضهم على كيده هم
وأصنامهم، ويذكر أن هذه كانت
له معجزة وذلك أنه حرض
جماعتهم عليه مع انفراده وقوتهم
وكفرهم فلم
يقدروا على نيله بسوء.
و { تنظرون } معناه تؤخروني أي
عاجلوني بما قدرتم عليه، وقوله
تعالى: { إني توكلت على الله }
الآية، المعنى: أن توكلي على الله
الذي هو ربي وربكم مع ضعفي
وانفرادي وقوتكم وكثرتكم يمنعني
منكم ويحجز بيني وبينكم؛ ثم
وصف قدرة الله تعالى وعظم ملكه
بقوله: { ما من دابة إلا هو آخذ
بناصيتها } وعبر عن ذلك بـ
"الناصية"، إذ هي في العرف
حيث يقبض القادر المالك ممن
يقدر عليه، كما
يقاد الأسير والفرس ونحوه حتى
صار الأخذ بالناصية عرفاً في
القدرة على الحيوان، وكانت
العرب تجز
ناصية الأسير الممنون عليه
لتكون تلك علامة أنه قدر عليه
وقبض على ناصيته. و"الدابة":
جميع الحيوان،
وخص بالذكر إذ هو صنف
المخاطبين والمتكلم.
وقوله: { إن ربي على صراط
مستقيم } يريد أن أفعال الله عز
وجل هي في غاية الإحكام، وقوله
الصدق، ووعده الحق؛ فجاءت
الاستقامة في كل ما ينضاف إليه
عز وجل. فعبر عن ذلك بقوله:
{ إن ربي
على صراط مستقيم } على تقدير
مضاف.