روي أن مريم عليها
السلام لما اطمأنت بما رأت من
الآيات وعلمت ان الله سيبين عذرها
أتت به
تحمله مدلة من المكان القصي الذي
كانت انتبذت فيه، روي أن قومها
خرجوا في طلبها فلقوها وهي
مقبلة به. و"الفري" العظيم الشنيع،
قال مجاهد والسدي، وأكثر
استعماله في السوء وهو من الفرية،
فإن جاء الفري بمعنى المتقن
فمأخوذ من فريت الأديم للإصلاح
وليس بالبين، وأما قولهم في المثل
جاء يفري
الفري بمعناه بعمل عظيم من العمل
في قول أو فعل مما قصد ضرب
المثل له وهو مستعمل فيما يختلف
ويفعل، و"الفري" من الأسقية
الجديد، وقرأ أبو حيوة "شيئاً فرْياً"
بسكون الراء، واختلف المفسرون
في
معنى قوله عز وجل، { يا أخت
هارون }. فقالت فرقة كان لها أخ
اسمه { هارون } لأن هذا الاسم
كان
كثيراً في بني اسرائيل، تبركاً باسم
هارون أخي موسى، وروى
المغيرة بن شعبة أن رسول الله
صلى الله
عليه وسلم أرسله إلى أهل نجران
في أمر من الأمور فقال له
النصارى إن صاحبك يزعم أن
مريم "أخت
هارون" وبينهما في المدة ستمائة
سنة، قال المغيرة فلم أدر ما أقول
فلما قدمت على رسول الله صلى
الله
عليه وسلم ذكرت له. فقال ألم
يعلموا أنهم كانوا يسمون بأسماء
الأنبياء والصالحين، فالمعنى أنه
اسم
وافق اسماً، وقال السدي وغيره: بل
نسبوها الى { هارون } أخي موسى
لأنها كانت من نسله وهذا كما تقول
من قبيلة يا أخاً فلانة ومن قول
النبي صلى الله عليه وسلم "إن أخا
صداء أذن ومن أذن فهو يقيم" ،
وقال
كعب الأحبار بحضرة عائشة أم
المؤمنين إن مريم ليست بـ "أخت
لهارون" أخي موسى، فقالت عائشة
كذبت فقال لها يا أم المؤمنين إن
كان رسول الله صلى عليه وسلم
قاله فهو أصدق وخير، والاَّ فإني
أجد
بينهما من المدة ستمائة سنة، قال
فسكتت. وقال قتادة: كان في ذلك
الزمن في بني إسرائيل رجل عابد
منقطع الى الله يسمى "هارون"
فنسبوها الى أخوته من حيث كانت
على طريقته قبل إذ كانت موقوفة
على
خدمة البيع، أي يا هذه المرأة
الصالحة ما كنت أهلاً لما أتيت به.
وقالت فرقة: بل كان في ذلك الزمن
رجل
فاجر اسمه "هارون" فنسبوها إليه
على جهة التعيير والتوبيخ ذكره
الطبري ولم يسم قائله، والمعنى
{ ما كان
أبوك } ولا أمك أهلاً لهذه الفعلة
فكيف جئت أنت بها؟ و"البغي"
التي تبغي الزنا أي تطلبه، أصلها
بغوي
فعول وقد تقدم ذكر
ذلك.