التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأُمُورِ
٤١
وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ
٤٢
وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ
٤٣
وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَىٰ فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
٤٤
-الحج

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

قالت فرقة: هذه الآية في الخلفاء الأربعة ومعنى هذا التخصيص أن هؤلاء خاصة مكنوا في الأرض من جملة الذين يقاتلون المذكورين في صدر الآية، والعموم في هذا كله أبين وبه يتجه الأمر في جميع الناس، وإنما الآية آخذة عهداً على كل من مكنه الله، كل على قدر ما مكن، فأما { الصلاة } و { الزكاة } فكل مأخوذ بإقامتها وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فكل بحسب قوته والآية أمكن ما هي في الملوك، و { المعروف } و { المنكر } يعمان الإيمان والكفر دونهما، وقالت فرقة: نزلت هذه الآية في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة من الناس وهذا على أن { الذين } بدل من قوله { يقاتلون } [الحج: 39] أو على أن { الذين } تابع لـ { من } في قوله { { من ينصره } [الحج: 40]، وقوله { ولله عاقبة الأمور } توعد للمخالف عن هذه الأوامر التي تقتضيها الآية لمن مكن، وقوله { وإن يكذبوك } يعني قريشاً وهذه آية تسلية للنبي عليه السلام ووعيد لقريش، وذلك أنه مثلهم بالأمم المكذبة المعذبة وأسند فعلاً فيه علامة التأنيث إلى قوم من حيث أراد الأمة والقبيلة ليطرد القول في { عاد وثمود } و { قوم نوح } هم أول أمة كذبت نبيها ثم أسند التكذيب في موسى عليه السلام إلى من لم يسم من حيث لم يكذبه قومه بل كذبه القبط وقومه به مؤمنون، و { أمليت }، معناه فأمهلت وكأن الإمهال أن تمهل من تنوي فيه المعاقبة، وأنت في حين إمهالك عالم بفعله. و"النكير"، مصدر كالعذير بمعنى الإنكار والإعذار وهو في هذه المصادر بناء مبالغة فمعنى هذه الآية فكما فعلت بهذه الأمم كذلك أفعل بقومك.