التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ ٱلْمُؤْمِناتِ لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
٢٣
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٢٤
يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ
٢٥
-النور

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

قال سعيد بن جبير إن هذه الآية التي تضمنت لعن القاذف وتوعده الشديد إنما هي خاصة في رماة عائشة، وقال ابن عباس والضحاك وغيرهما بل هذه لجميع أزواج النبي عليه السلام، غلظ الله أمر رميهن لمكانهن من الدين، فلعن قاذفهن ولم يقرن بآخر الآية توبة ع وقاذف غيرهن له اسم الفسق، وذكرت له التوبة، وقالت جماعة من العلماء بل هي في شأن عائشة إلا أنه يراد بها كل من اتصف بهذه الصفة، وقال بعض هذه الفرقة إن هذه الآية نزلت أولاً في القاذفين، ثم نزلت بعد ذلك الآية التي صدرت في السورة التي فيها التوبة، وقد تقدم القول في { المحصنات } ما معناه، و"اللعنة" في هذه الآية الإبعاد وضرب الحد واستيحاش المؤمنين منهم وهجرهم لهم وزوالهم عن رتبة العدالة، وعلى من قال إن هذه الآية خاصة لعائشة تترتب هذه الشدائد في جانب عبدالله بن أُبي وأَشباهه وفي ضمن رمي المحصنة رمي الرجل معها وقد يكون مؤمناً، والعامل في قوله { يوم } فعل مضمر يقتضيه "العذاب" أي يعذبونه { يوم } أو نحو هذا، وأخبر الله تعالى أن جوارحهم تشهد عليهم ذلك من أعظم الخزي والتنكيل فيشهد اللسان وقلب المنافق لا يريد ما يشهد به، وتشهد الأيدي والأرجل كلاماً يقدرها الله عليه، وقرأ جمهور السبعة "تشهد" بالتاء من فوق وقرأ حمزة والكسائي "يشهد" بالياء و"الدين" في هذه الآية الجزاء ومنه قول الشاعر: [شهل بن شيبان الزماني] [الهزج]

ولم يبق سوى العدوا ن دناهم كما دانوا

أي جازيناهم كما فعلوا مثل المثل كما تدين تدان، وقرأ جمهور الناس "الحقُّ" بالنصب على الصفة للدين، وقرأ مجاهد "الحقُّ" بالرفع على الصفة لله عز وجل وفي مصحف ابن مسعود وأبي بن كعب "يومئذ يوفيهم الله الحق دينهم" بتقديم الصفة على الموصوف ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله { يعلمون أن الله هو الحق المبين } يقوي قول من ذهب إلى أن الآية في المنافقين عبد الله بن أبي وغيره وذلك أَن كل مؤمن ففي الدنيا يعلم { أَن الله هو الحق المبين } وإلا فليس بمؤمن.