التفاسير

< >
عرض

وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ
٣٥
فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ آتَانِيَ ٱللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ
٣٦
ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ
٣٧
-النمل

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

روي أن بلقيس قالت لقومها إني أجرب هذا الرجل { بهدية } أعطيه فيها نفائس الأموال وأغرب عليه بأمور المملكة، فإن كان ملكاً دنياوياً أرضاه المال فعملنا معه بحسب ذلك، وإن كان نبياً لم يرضه المال ولازمنا في أمر الدين فينبغي أن نؤمن به ونتبعه على دينه، فبعثت إليه { بهدية } عظيمة أكثر بعض الناس في تفصيلها فرأيت اختصار ذلك لعدم صحته، واختبرت علمه فيما روي بأن بعثت إليه قدحاً فقالت املأه لي ماء ليس من الأرض ولا من السماء، وبعثت إليه درة فيها ثقب محلزق وقالت يدخل سلكها دون أن يقربها إنس ولا جان، وبعثت أخرى غير مثقوبة وقالت يثقب هذه غير الإنس والجن، فملأ سليمان القدح من عرق الخيل، وأدخلت السلك دودة. وثقبت الدرة أرضة ماء، وراجع سليمان مع رد الهدية بما في الآية وعبر عن "المرسلين بـ { جاء } وبقوله { ارجع } لما أراد به الرسول الذي يقع على الجمع والإفراد والتأنيث والتذكير، وقرأ ابن مسعود "فلما جاؤوا سليمان" وقرأ "ارجعوا"، ووعيد سليمان لهم مقترن بدوامهم على كفرهم، وذكر مجاهد أنها بعثت في هديتها بعدد كثير من العبيد بين غلام وجارية وجعلت زيهم واحداً وجربته في التفريق بينهم.
قال القاضي أبو محمد: وليس هذا بتجربة في مثل هذا الأمر الخطير، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو "أتمدونني" بنونين وياء في الوصل، وقرأ ابن عامر وعاصم والكسائي "أتمدونن" بغير ياء في وقف ووصل، وقرأ حمزة "أتمدونّي" بشد النون وإثبات الياء، وقرأ عاصم "فما آتانِ الله" بكسر النون دون ياء، وقرأ فرقة "آتاني" بياء ساكنة، وقرأ أبو عمرو ونافع "آتانيَ" بياء مفتوحة، ثم توعدهم بالجنود والغلبة والإخراج أذلاء والمعنى إن لم يسلموا، وقرأ عبد الله "لا قبل لهم بهم" على جمع ضمير الجنود. و { لا قبل } معناه لا طاقة ولا مقاومة.