التفاسير

< >
عرض

وَهَدَيْنَاهُمَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ
١١٨
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي ٱلآخِرِينَ
١١٩
سَلاَمٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ
١٢٠
إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
١٢١
إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٢٢
وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ
١٢٣
إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ
١٢٤
أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ
١٢٥
-الصافات

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

{ الصراط المستقيم } يريد به في هذه الآية طريق الشرع والنبوءة المؤدي إلى الله تعالى وقد تقدم القول في مثل قوله { وتركنا عليهما }، و { إلياس } نبي من أنبياء الله تعالى، قال قتادة وابن مسعود: هو إدريس عليه السلام، وقالت فرقة: هو من ولد هارون عليه السلام، قال الطبري هو إلياس بن نسي بن فنحاص ابن ألعيزار بن هارون، وقرأ الجمهور من القراء "وإن إلياس" بهمزة مكسورة، وهو اسم، وقرأ ابن عامر وابن محيصن وعكرمة والحسن والأعرج "وإن الياس" بغير همز بصلة الألف، وذلك يتجه على أحد وجهين: إما أن يكون حذف الهمزة كما حذفها ابن كثير من قوله تعالى { { إنها لإحدى الكبر } [المدثر: 35] أراد "لإحدى" فنزل المنفصل منزلة المتصل، كما قد ينزل في كثير من الأمور، والآخر أن يجعلها الألف التي تصحب اللام للتعريف كاليسع، وفي مصحف أبي بن كعب "وإن ايِليَس" بألف مكسورة الهمزة وياء ساكنة قبل اللام المكسورة وياء ساكنة بعدها وسين مفتوحة، وكذلك في قوله "سلام على إيليس"، وقرأ نافع وابن عامر على "آل ياسين" وقرأ الباقون "سلام على إلياسين" بألف مكسورة ولام ساكنة، قرأ الحسن وأبو رجاء "على الياسين" موصولة فوجه الأولى أنها فيما يزعمون مفصولة في المصحف فدل ذلك على أنها بمعنى أهل و"ياسين" اسم أيضاً لـ { إلياس } وقيل هو اسم لمحمد صلى الله عليه وسلم ووجه الثانية أنه جمع إلياسي كما قالوا أعجمي أعجميون، قال أبو علي: والتقدير إلياسين فحذف كما حذف من أعجميين، ونحوه من الأشعريين والنمريين والمهلبين، وحكى أبو عمرو أن منادياً نادى يوم الكلاب، هلك اليزيديون، ويروي قول الشاعر:

"قدني من نصر الخبيبين قدي"

بكسر الباء الثانية نسبة إلى أبي خبيب، ويقال سمي كل واحد من آل ياسين إلياس كما قالوا شابت مفارقه فسمي كل جزء من المفرق مفرقاً، ومنه قولهم "جمل ذو عثانين"، وعلى هذا أنشد ابن جني: [الرجز]

مرت بنا أول من أموس تميس فينا مشية العروس

فسمى كل جزء من الأمس أمس ثم جمع، وقال أبو عبيدة لم يسلم على آل أحد من الأنبياء المذكورين قبل فلذلك ترجح قراءة من قرأ "إلياسين" إذ هو اسم واحد له، وقرأ ابن مسعود والأعمش "وإن إدريس لمن المرسلين" و "سلام على إدريس" وروى هذه القراءة قطرب وغيره وإن إدراسين وإدراس لغة في إدريس كإبراهيم وإبراهام، وقوله { أتدعون } معناه أتعبدون، والبعل الرب بلغة اليمن قاله عكرمة وقتادة، وسمع ابن عباس رجلاً ينشد ضالة فقال له رجل آخر: أنا بعلها، فقال ابن عباس الله أكبر أتدعون بعلاً، وقال الضحاك وابن زيد والحسن { بعلاً } اسم صنم كان لهم وله يقال بعلبك وإليه نسب الناس، وذكر ابن إسحاق عن فرقة أن { بعلاً } اسم امرأة كانت أتتهم بضلالة، وقوله { أحسن الخالقين } من حيث قيل للإنسان على التجوز إنه يخلق وجب أن يكون تعالى { أحسن الخالقين } إذ خلقه اختراع وإيجاد من عدم وخلق الإنسان مجاز كما قال الشاعر: [الكامل أقذ].

ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري