التفاسير

< >
عرض

إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ
٣٥
وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ
٣٦
بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ
٣٧
إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ
٣٨
وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
٣٩
إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ
٤٠
-الصافات

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

هؤلاء أهل الجرم الذين جهلوا الله تعالى، وعظموا أصناماً وأوثاناً فـ { إذا قيل لهم لا إله إلا الله } وهي كلمة الحق والعروة الوثقى أصابهم كبر وعظم عليهم أن يتركوا أصنامهم وأصنام آبائهم، ونحو هذا كان فعل أبي طالب حين قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله" ، فقال أبو جهل: أترغب عن ملة عبد المطلب، فقال آخر ما قال: أنا على ملة عبد المطلب، وبعرض قول { لا إله إلا الله } جرت السنة في تلقين الموتى المحتضرين ليخالفوا الكفرة ويخضعوا لها، وأما الطائفة التي قالت { أئنا لتاركو الهتنا لشاعر مجنون } فهي من قريش، وإشارتهم بالشاعر المجنون هي إلى محمد صلى الله عليه وسلم فرد الله تعالى عليهم أي ليس الأمر كما قالوا من أنه شاعر { بل جاء بالحق } من عند الله وصدق الرسل المتقدمة له كموسى وعيسى وإبراهيم وغيرهم عليهم الصلاة والسلام، ثم أخبر تعالى مخاطباً لهم ويجوز أن يكون التأويل قل لهم يا محمد { إنكم لذائقو العذاب الأليم } وقرأ قوم "لذائقو العذابَ" نصباً ووجهها أنه أراد لذائقون فحذف النون تخفيفاً وهي قراءة قد لحنت، وقرأ أبو السمال "لذائقٌ" بالتنوين "العذابَ" نصباً، و { الأليم } المؤلم، ثم أعلمهم أن ذلك جزاء لهم بأعمالهم واكتسابهم، ثم استثنى عباد الله استثناء منقطعاً وهم المؤمنون الذين أخلصهم الله تعالى لنفسه، وقرأ الجمهور "المخلَصين" بفتح اللام، وقرأ الحسن وقتادة وأبو رجاء وأبو عمرو بكسر اللام، وقد رويت هذه التي في الصافات عن الحسن بفتح اللام.