التفاسير

< >
عرض

لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
١٧
يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ
١٨
ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ
١٩
إِنَّ الَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلأَذَلِّينَ
٢٠
كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ
٢١
-المجادلة

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

روي أن المنافقين فخروا بكثرة أموالهم وأولادهم وأظهروا السرور بذلك، فنزلت الآية معلمة أن ذلك لا غناء له عنهم ولا مدفع بسببه. والعامل في قوله { يوم يبعثهم }، { أصحاب } على تقدير فعل، وأخبر الله تعالى عنهم في هذه الآية أنه ستكون لهم أيمان يوم القيامة وبين يدي الله يخيل إليهم بجهلهم أنها تنفعهم وتقبل منهم، وهذا هو حسابهم { أنهم على شيء }، أي على فعل نافع لهم، وقال ابن عباس في كتاب الثعلبي: قال النبي عليه السلام: "ينادي مناد يوم القيامة: أين خصماء الله، فتأتي القدرية مسودة وجوههم زرقة أعينهم، فيقولون والله ما عبدنا شمساً ولا قمراً ولا صنماً ولا اتخذنا من دونك ولياً" ،قال ابن عباس: صدقوا والله ولكن أتاهم الإشراك من حيث لا يعلمون، ثم تلا ابن عباس هذه الآية، وقوله تعالى: { استحوذ عليهم الشيطان } معناه: تملكهم من كل جهة وغلب على نفوسهم، وهذا الفعل مما استعمل على الأصل فإن قياس التعليل يقتضي أن يقال: استحاذ، وحكى الفراء في كتاب اللغات أن عمر رضي الله عنه قرأ: "استحاذ". و { يحادون } معناه: يعطون الحد من الأفعال والأقوال، وقال بعض أهل المعاني: معناه يكونون في حد غير الحد الذي شرع الله تعالى، ثم قضى تعالى على محاده بالذل وأخبر أنه كتب فيما أمضاه من قضائه وقدره في الأزل أنه يغلب هو ورسله كل من حاد الله والرسل. وقرأ نافع وابن عامر: "ورسليَ" بفتح الياء. وقرأ الباقون بسكونها. وقال الحسن وغيره: ما أمر الله تعالى قط رسولاً بالقتال إلا وغلبه، وظفره بقوته وعزته لا رب سواه، وقال غيره: ومن لم يؤمر بقتال فهو غالب بالحجة.