التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٩
وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ
١٠
وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١١
-المنافقون

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

الإلهاء والإشغال بملتذ وشهوة، و { ذكر الله } هنا عام في الصلاة والتوحيد والدعاء، وغير ذلك من فرض ومندوب، وهذا قول الحسن وجماعة من المفسرين، وقال الضحاك وعطاء وأصحابه: المراد بالذكر: الصلاة المكتوبة، والأول أظهر، وكذلك قوله تعالى: { وأنفقوا مما رزقناكم }، قال جمهور من المتأولين: المراد الزكاة، وقال آخرون: ذلك عام في مفروض ومندوب. وقوله: { يأتي أحدكم الموت } أي علاماته، وأوائل أمره وقوله: { لولا أخرتني إلى أجل قريب }، طلب للكرة والإمهال، وفي مصحف أبي بن كعب: "آخرتن" بغير ياء، وسماه قريباً لأنه آت، وأيضاً فإنما يتمنى ذلك ليقضي فيه العمل الصالح فقط، وليس يتسع الأمل حينئذ لطلب العيش ونضرته، وفي مصحف أبي: "فأتصدق"، وقوله: { وأكن من الصالحين } ظاهره العموم، فقال ابن عباس هو الحج، وروي عنه أنه قال في مجلسه يوماً: ما من رجل لا يؤدي الزكاة ولا يحج إلا طلب الكرة عند موته فقال له رجل: أما تتقي الله المؤمن بطلب الكرة؟ فقال له ابن عباس: نعم، وقرأ الآية، وقرأ جمهور السبعة والناس: "وأكنْ" بالجزم عطفاً على الموضع، لأن التقدير: "إن تؤخرني أصدق، وأكن"، هذا مذهب أبي علي، فأما ما حكاه سيبويه عن الخليل فهو غير هذا وهو جزم "أكن" على توهم الشرط الذي يدل عليه التمني، ولا موضع هنا، لأن الشرط ليس بظاهر، وإنما يعطف علىالوضع حيث يظهر الشرط كقوله تعالى: { { من يضلل الله فلا هادي به } [الأعراف: 186]، ونذرهم، فمن قرأ بالجزم عطف على موضع { { فلا هادي له } [الأعراف: 186]، لأنه وقع هنالك فعل كان مجزوماً، وكذلك من قرأ: "ونكفر" بالجزم عطفاً على موضع فهو خير لكم، وقرأها أبو عمرو وأبو رجاء والحسن وابن أبي إسحاق، ومالك بن دينار وابن محيصن والأعمش وابن جبير وعبيد الله بن الحسن العنبري، قال أبو حاتم، وكان من العلماء الفصحاء: "وأكون" بالنصب عطفاً على { فأصدق }، وقال أبو حاتم في كتبها في المصحف بغير واو، وإنهم حذفوا الواو كما حذفوها من "أبجد" وغيره، ورجحها أبو علي، وفي مصحف أبيّ بن كعب وابن مسعود: "فأتصدق وأكن" وفي قوله تعالى: { ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها }، حض على المبادرة ومسابقة الأجل بالعمل الصالح، وقرأ السبعة والجمهور: "تعملون" بالتاء على المخاطبة لجميع الناس، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر: "بما يعملون" بالياء على تخصيص الكفار بالوعيد.