التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِنْدَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٢٦
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ
٢٧
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
٢٨
قُلْ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٢٩
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ
٣٠
-الملك

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

أمر الله تعالى نبيه أن يخبرهم بأن علم القيامة والوعد الصدق هو مما تفرد الله به، وأن محمداً إنما هو نذير يعلم ما علم ويخبر بما أمر أن يخبر به، وقوله: { فلما رأوه } الضمير للعذاب الذي تضمنه الوعد، وهذه حكاية حال تأتي المعنى: { فإذا رأوه } و: { زلفة } معناه قريباً. قال الحسن: عياناً. وقال ابن زيد: حاضراً، و: { سيئت } معناه: ظهر فيها السوء، وقرأ جمهور الناس: "سِيئت" بكسر السين، وقرأ أبو جعفر الحسن ونافع أيضاً وابن كثير وأبو رجاء وشيبة وابن وثاب وطلحة: بالإشمام بين الضم والكسر. وقرأ جمهور الناس ونافع بخلاف عنه: "تدّعون" بفتح الدال وشدها، على وزن: تفتعلون، أي تتداعون أمره بينكم، وقال الحسن: يدّعون أنه لا جنة ولا نار، وقرأ أبو رجاء والحسن والضحاك وقتادة وابن يسار وسلام: "يدْعون" بسكون الدال على معنى: يستعجلون، كقولهم: عجل لنا قطنا، وأمطر علينا حجارة وغير ذلك، وروي في تأويل قوله: { قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا } الآية، أنهم كانوا يدعون على محمد وأصحابه بالهلاك، وقيل بل كانوا يترامون بينهم بأن يهلكوه بالقتل ونحوه فقال الله تعالى: قل لهم أرأيتم إن كان هذا الذي تريدون بنا وتم ذلك فينا، أو أرأيتم إن رحمنا الله فنصرنا ولم يهلكنا من يجيركم من العذاب الذي يوجبه كفركم على كل حال؟ وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحفص، وعن عاصم: "إن أهلكنيَ الله ومن معيَ" بنصب الياءين، وأسكن الكسائي وعاصم في رواية أبي بكر الياء في: "معي" وقرأ حمزة: بإسكان الياءين، وروى المسيب عن نافع أنه أسكن ياء: "اهلكني"، قال أبو علي التحريك في الياءين حسن وهو الأصل، والإسكان كراهية الحركة في حرف اللين، يتجانس ذلك، وقرأ الكسائي وحده: "فسيعلمون" بالياء، وقرأ الباقون بالتاء على المخاطبة، ثم وقفهم تعالى على مياههم التي يعيشون منها إن غارت أي ذهبت في الأرض، ومن يجيئهم بماء كثير واف، والغور: مصدر يوصف به على معنى المبالغة، ومنه قول الأعرابي: وغادرت التراب مورا والماء غورا.
والمعين: فعيل من معنى الماء إذا كثر أو مفعول من العين، أي جار كالعين، أصله معيون، وقيل هو من العين، لكن من حيث يرى بعين الإنسان، لا من حيث يشبه بالعين الجارية، وقال ابن عباس: { معين } عذب وعنه في كتاب الثعلبي: { معين } جار، وفي كتاب النقاش: { معين } ظاهر، وقال بعض المفسرين وابن الكلبي: أشير في هذا الماء إلى بئر زمزم، وبئر ميمون، ويشبه أن تكون هاتان عظم ماء مكة، وإلا فكانت فيها بئار كثيرة كخم والجفر وغيرهما. والله المستعان.