التفاسير

< >
عرض

فَلآ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَٰرِقِ وَٱلْمَغَٰرِبِ إِنَّا لَقَٰدِرُونَ
٤٠
عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ
٤١
فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ
٤٢
يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ
٤٣
خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ
٤٤
-المعارج

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

قرأ الجمهور: "فلا أقسم" وذلك على أن تكون "لا" زائدة، أو تكون رداً لفعل الكفار وقولهم ثم يقع الابتداء بالقسم. وقرأ قوم من القراء "فلأقسم" دون ألف مفردة، و { المشارق والمغارب } هي مطالع الشمس والقمر وسائر الكواكب وحيث تغرب، لأنها مختلفة عند التفضيل فلذلك جمع، وقرأ عبد الله بن مسلم وابن محيصن: "برب المشرق والمغرب" على الإفراد، ومتى ورد "المشرق والمغرب"، وهي عبارة عن موضع الشروق وموضع الغروب بجملته وإن كان يتفصل بالصاد، ومتى ورد المشرقان والمغربان فهي عبارة عن طرفي مواضع الشروق وطرفي موضع الغروب. وأقسم الله تعالى في هذه الآية بمخلوقاته على إيجاب قدرته على أن يبدل خيراً من ذلك العالم، وأنه لا يسبقه شيء إلى إرادته. وقوله تعالى: { فذرهم يخوضوا } الآية وعيد وما فيه من معنى المهادنة فمنسوخ بآية السيف. وروي عن ابن كثير أنه قرأ: "يلقوا" بغير ألف، وهي قراءة أبي جعفر وابن محيصن. و { يوم يخرجون } بدل من قولهم { يومهم }. وقرأ الجمهور: "يَخرُجون" بفتح الياء وضم الراء. وروى أبو بكر عن عاصم: ضم الياء وفتح الراء. و: { الأجداث } القبور، والنصب: ما نصب للإنسان فهو يقصد مسرعاً إليه من علم أو بناء أو صنم لأهل الأصنام. وقد كثر استعمال هذا الاسم في الأصنام حتى قيل لها الأنصاب، ويقال لشبكة الصائد نصب. وقال أبو العالية { إلى نصب يوفضون } معناه: إلى غايات يستبقون. وقرأ جمهور السبعة وأبو بكر عن عاصم "نَصب" بفتح النون، وهي قراءة أبي جعفر ومجاهد وشيبة وابن وثاب والأعرج، وقرأ الحسن وقتادة بخلاف عنهما: "نُصب" بضم النون. وقرأ ابن عامر وحفص عن عاصم: "نُصُب" بضم النون والصاد وهي قراءة الحسن أيضاً وأبي العالية وزيد بن ثابت وأبي رجاء وقرأ مجاهد وأبو عمران الجوني "إلى نَصَب" بفتح النون والصاد و { يوفضون } معناه: يسرعون ومنه قول الراجز: [الرجز]

لأنعتنّ نعامة ميفاضا خرجاء ظلت تطلب الاضاضا

و { خاشعة } نصب علىالحال، ومعناه ذليلة منكسرة، و { ترهقهم } معناه: تظهر عليهم وتلح وتضيق نفوسهم، ومن هذه اللفظة المرهق من السادة بحوائج الناس، والمرهق بالدين، وخلق فيها رهق أي إسراع إلى الناس وسيف فلان فيه رهق، ومنه مراهقة الاحتلام، وإرهاق الصلاة أي مزاحمة وقتها.
نجز تفسير "سورة المعارج" والحمد لله كثيراً.