التفاسير

< >
عرض

قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ
١٢
فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ
١٣
فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ
١٤
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ
١٥
إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى
١٦
ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ
١٧
فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ
١٨
وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ
١٩
فَأَرَاهُ ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ
٢٠
فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ
٢١
ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ
٢٢
فَحَشَرَ فَنَادَىٰ
٢٣
فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ
٢٤
-النازعات

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

ذكر الله تعالى عنهم قولهم: { تلك إذاً كرة خاسرة } وذلك أنهم لتكذيبهم بالبعث، وإنكارهم، قالوا: لو كان هذا حقاً، لكانت كرتنا ورجعتنا خاسرة وذلك لهم إذ هي النار، وقال الحسن: { خاسرة } معناه: كاذبة أي ليست بكائنة، وروي أن بعض صناديد مكة قال ذلك، ثم أخبر الله تعالى عن حال القيامة، فقال { فإنما هي زجرة واحدة } ، أي نفخة في الصور فإذا الناس قد نشروا وصاروا أحياء على وجه الأرض، وفي قراءة عبد الله " فإنما هي رقة واحدة " و { الساهرة } : وجه الأرض، ومنه قول أمية بن أبي الصلت: [الوافر]

وفيها لحم ساهرة وبحر وما فاهوا به فلهم مقيم

وقال وهب بن منبه: { الساهرة }: جبل بالشام يمده الله لحشر الناس يوم القيامة كيف شاء، وقال أبو العالية وسفيان: { الساهرة }: أرض قريبة من بيت المقدس، وقال قتادة: { الساهرة }: جهنم، لأنه لا نوم لمن فيها وقال ابن عباس: { الساهرة }: أرض مكة، وقال الزهري: { الساهرة }: الأرض كلها، ثم وقف تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم على جهة جمع النفس لتلقي الحديث، فقال: { هل أتاك حديث موسى } الآية، و "الوادي المقدس": واد بالشام، قال منذر بن سعيد: هو بين المدينة ومصر، وقرأ الحسن بن أبي الحسن والأعمش وابن إسحاق: "طِوىً" بكسر الطاء منونة، ورويت عن عاصم، وقرأ الجمهور: " طُوى" بضمها، وأجرى بعض القراء "طوى" وترك إجراءه ابن كثير وأبو عمرو ونافع وجماعة، وقد تقدم شرح اللفظة في سورة طه، وقوله تعالى: { اذهب إلى فرعون } تفسير النداء الذي ناداه به، ويحتمل أن يكون المعنى قال { اذهب } وفي هذه الألفاظ استدعاء حسن، وذلك أنه أمر أن يقول به: { هل لك أن تزكى }، وهذا قول جواب كل عاقل عنده نعم أريد أن أتزكى، والتزكي هو التطهر من النقائص، والتلبس بالفضائل، وفسر بعضهم: { تزكى } بتسلم وفسرها بقول: لا إله إلا الله، وهذا تخصيص وما ذكرناه يعم جميع هذا، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو بخلاف عنه: " تزّكى " بشد الزاي، وقرأ الباقون " تزَكى " بتخفيف الزاي، ثم أمر موسى أن يفسر له التزكي الذي دعاه إليه بقوله: { وأهديك إلى ربك فتخشى }، والعلم تابع للهدى والخشية تابعة للعلم، { { إنما يخشى الله من عباده العلماء } [فاطر:28]، و { الآية الكبرى }: العصا واليد، قاله مجاهد وغيره، وهما نصب موسى للتحدي فوقعت المعارضة في الواحدة وانقلب فيها فريق الباطل، وقال بعض المفسرين: { أدبر يسعى } حقيقة قام من موضعه مولياً فاراً بنفسه عن مجالسة موسى عليه السلام، وقال مجاهد: { أدبر } كناية عن إعراضه عن الإيمان، و { يسعى } معناه: يتحذم حل أمر موسى عليه السلام والرد في وجه شرعه، وقوله { فحشر } معناه: جمع أهل مملكته ثم ناداهم بقوله: { أنا ربكم الأعلى } وروي عن ابن عباس أنه قال: المعنى: فنادى فحشر، وقوله: { أنا ربكم الأعلى } نهاية في المخرقة ونحوها باق في ملوك مصر وأتباعهم.