التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ ٱلْحَرِيقِ
١٠
إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْكَبِيرُ
١١
إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ
١٢
إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ
١٣
وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلْوَدُودُ
١٤
ذُو ٱلْعَرْشِ ٱلْمَجِيدُ
١٥
فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ
١٦
-البروج

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

{ فتنوا } معناه: أحرقوا، وفتنت الذهب والفضة في النار أحرقتهما، والفتين حجارة الحرة السود لأن الشمس كأنها أحرقتها، ومن قال إن هذه الآيات الأواخر في قريش جعل الفتنة الامتحان والتعذيب، ويقوي هذا التأويل بعض التقوية قوله تعالى: { ثم لم يتوبوا } لأن هذا اللفظ في قريش أحكم منه في أولئك الذين قد علم أنهم ماتوا على كفرهم، وأما قريش فكان فيهم وقت نزول الآية من تاب بعد ذلك وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، و { جهنم } و { الحرق } طبقتان من النار، ومن قال إن النار خرجت وأحرقت الكافرين القعود، جعل { الحريق } في الدنيا، و "البطش": الأخذ بقوة وشرعة، و { يبدىء ويعيد } ، قال الضحاك وابن زيد معناه: { يبدىء } الخلق بالإنشاء { ويعيد } بالحشر، وقال ابن عباس ما معناه: إن ذلك عام في جميع الأشياء، فهي عبارة عن أنه يفعل كل شيء إنه { يبدىء ويعيد } كلما ينعاد، وهذان قسمان مستوفيان جميع الأشياء، وقال الطبري معناه: { يبدىء } العذاب، ويعيده على الكفار، و { الغفور الودود } صفتا فعل، الأولى ستر على عباده، والثانية لطف بهم وإحسان إليهم، وخصص { العرش } بإضافة نفسه إليه تشريفاً، وتنبيهاً على أنه أعظم المخلوقات، وقرأ حمزة والكسائي والمفضل عن عاصم والحسن وابن وثاب والأعمش وعمرو بن عبيد: " المجيد " بخفض الدال صفة للعرش، وهذا على أن المجد والتمجيد قد يوصف به كثير من الجمادات، وقد قالوا مجدت الدابة إذا سمنت، وأمجدتها إذا أحسنت علفها، وقالوا: في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار: كثرت نارهما، وقرأ الباقون والجمهور: "ذو العرش"، وروى ابن عباس: "ذي العرش" نعتاً لقوله { إن بطش ربك }.